للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالاِعْتِصَامُ بِحَبْلِ اللَّه لَا يَتِمُّ إِلَّا بِبَيَانِ كَشْفِهِ،

ــ

وقوله: (والاعتصام بحبل اللَّه لا يتم إلا ببيان كشفه) اعتصم بفلان: تمسك به، والحبل معروف، والبيان إظهار المقصود بأبلغ لفظ، وفي (الصراح) (١): بيان: سخن بيدا وكشاده كَفتن وفصاحت، ويقال: فلان أبين من فلان؛ أي: أفصح، وفي الحديث: (إن من البيان لسحرا)، وسيجيء بيانه في (باب البيان والشعر) من الكتاب، والكشف: الإظهار ورفع شيء عما يواريه ويغطيه، كذا في (القاموس) (٢)، وفي (الصراح) (٣): كشف: كشاده وبرهنه كردن.

وإضافة البيان إلى كشفه بيانية، والضمير للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمراد بحبل اللَّه: عهده الذي أخذ من عباده بالإيمان والتوحيد والإقرار بربوبيته والتزام طاعته وعبادته، المشارُ إليه بقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] وهذا العهد قد نسوه بسبب تعلق الأرواح بالأبدان، وطريان الكدورات والحجب الحاصلة لها من هذا التعلق، وتراكم ظلمات الذنوب والمعاصي، فأرسل اللَّه تعالى الرسل إليهم لتذكير هذا العهد خصوصًا سيد الرسل صلوات اللَّه عليه وعليهم، أظهره وذكرهم به ببيانٍ صحيحٍ وكشفٍ صريحٍ حتى يوفوا به فتحصل لهم النجاة من عذاب جهنم، والفوز بنعيم الجنة، كما قال: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: ٤٠].

ويحتمل أن يكون المراد بحبل اللَّه القرآن كما ورد في الحديث: (القرآن حبل


(١) (ص: ٥٠٢).
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ٧٨٣).
(٣) (ص: ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>