للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحديث، وفيه: يا زيد! لولا أني أخشى أن يتخذهما الناس سُلّما إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما، فلعل عمر -رضي اللَّه عنه- كان يرى أن النهي عن الصلاة بعد العصر إنما هو لخشية إيقاع الصلاة عند غروب الشمس، وإليه ذهب ابن المنذر وغيره.

وقد جاء في رواية أخرى: ولكني أخاف أن يأتي بعدكم قوم يصلون ما بين العصر إلى الغروب، حتى يمروا بالساعة التي نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يصلي فيها، وهذا أيضًا يدل على ما قلنا، كذا في (فتح الباري) (١).

ثم اعلم أنه قد اختلف أهل العلم فقال بعضهم: لا تكره الصلاة بعد الصبح ولا بعد العصر، إلا لمن قصد بصلاته طلوع الشمس وغروبه، وإليه جنح بعض أهل الظاهر، وإليه يشير ظاهر حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- في (صحيح البخاري) (٢): (لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها)، وإليه ذهب ابن المنذر وغيره، ومنهم من جعله نهيا مستقلًا، وكره الصلاة في تلك الأوقات سواء قصد لهما أم لا، وهو قول الجمهور، وفرق بعضهم فقال: يكره بعد الصبح والعصر، ويحرم عند الطلوع والغروب، وممن قال بذلك محمد بن سيرين ومحمد بن جرير، وهو ظاهر مذهبنا، واحتج بما ثبت عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلى بعد العصر، فدل على أنه لا يحرم، ويحمل فعله على بيان الجواز، وروي عن ابن عمر تحريم الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وإباحتها بعد العصر حتى تصفر، وبه قال ابن حزم، واحتج بحديث رواه أبو داود بإسناد صحيح أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة. والمشهور إطلاق الكراهة في الجميع


(١) "فتح الباري" (٢/ ٦٥).
(٢) "صحيح البخاري" (٥٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>