للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِيَلِينِي مِنْكُمْ أولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى،

ــ

وقوله: (ليليني) أي: ليدن مني، روي بحذف الياء الثانية وتخفيف النون، وبإثباتها مفتوحة وتشديد النون، قال التُّورِبِشْتِي (١): حق هذا اللفظ أن يحذف منه الياء لأنه على صيغة الأمر غير أن الرواة رووها بإثبات الياء وسكونها، والظاهر أنه غلط من بعض الرواة، ولعل النمط الأول أثبتوا الياء في الخط على أصل الكلمة قبل دخول لام الأمر فتداولها ألسنة الرواة فأثبتوها في اللفظ، انتهى. وفي شرح الشيخ: وليس إثبات الياء بغلط، فإن عدم حذف الجازم لحرف العلة لغة صحيحة كما صرحوا به، وما ذكر الشيخ صحيح في المضارع المجزوم إذا كان ناقصًا، ويقال: كذلك لغة لم يخشى، فيصح في لفظ الأمر الغائب الذي هو بعينه لفظ المضارع أيضًا، ثم ما ذكره التُّورِبِشْتِي في سبب إثبات الياء من الرواة بعيد جدًا، وقال أيضًا: وأما من نصب الياء وجعل اللام فيها الناصبة، فالوجه فيه لو ثبتت الرواية أن يقال: اللام متعلقة لمحذوف دل عليه أول الحديث، والراوي لم يذكر ذلك اختصارًا للحديث، ففيه تعسف أيضًا بل ليس بشيء، انتهى.

وقوله: (الأحلام) جمع حلم بالكسر بمعنى الأناة والتثبت، وحقيقته: حفظ النفس عند هيجان الغضب، وقد يفسر بالعقل، وقال التُّورِبِشْتِي: ليس الحلم في الحقيقة هو العقل لكن فسره به لكونه من مقتضيات العقل، وقال في (القاموس) (٢): الحلم بالكسر: الأناة والعقل، جمعه أحلام، والنهية بالضم العقل لأنه ينهى صاحبه عن ارتكاب القبائح، هذا ما عليه الأكثر، وقد يجعل جمع حلم بالضم على ما في شروح (الهداية) بمعنى نوم البالغ أو البلوغ نفسه، أي: البالغون العقلاء، وعلى الأول يكون من قبيل التأكيد


(١) "كتاب الميسر" (١/ ٢٩٠).
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ١٠١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>