قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْكَنْزِ: اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالصَّبِيِّ جَائِزٌ بِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ: فَقَدَّمُونِي. . . إِلَخْ. وَعِنْدَنَا لَا يَجُوزُ؛ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ الَّذِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ، وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ؛ وَلأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ الْمُفْتَرِضُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَأَمَّا إِمَامَةُ عَمْرٍو فَلَيْسَ بِمَسْمُوعٍ مِنَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَإِنَّمَا قَدَّمُوهُ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ لِمَا كَانَ يَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِفِعْل الصَّبِيِّ عَلَى الْجَوَازِ، وَقَدْ قَالَ هُوَ بِنَفْسِهِ: وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ. . . إِلَخْ. وَالْعَجَبُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ الْفَارُوقِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ حُجَّةً، وَاسْتَدَلُّوا بِفِعْلِ صَبِيٍّ مِثْلُ هَذَا حَالُهُ. "مرقاة المفاتيح" (٣/ ٨٧٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute