للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٧٠٨، م: ٤٦٩].

ــ

قد عرفت معناه بوجوه.

وقوله: (وإن كان) مخففة من المثقلة.

وقوله: (فيخفف) يدل بظاهره على أن تخفيفه -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة كان في بعض الأوقات بعارض، ويفهم مما ذكره من قول أنس أن التخفيف كان عادته إلا أن يكون المراد الزيادة على عادته من التخفيف بأن يقطع ما هو فيه من القراءة، ويبالغ في الإسراع على خلاف عادته، كما ذكر في شرح الشيخ، وهو الظاهر كما يدل عليه الحديث الآتي.

وقوله: (أن تفتن أمه) على صيغة المجهول، أي: بقطع الصلاة أو زوال خشوعها (١).


(١) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الإِمَامَ إِذَا أَحَسَّ بِرَجُلٍ يُرِيدُ مَعَهُ الصَّلَاةَ وَهُوَ رَاكِعٌ جَازَ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ رَاكِعًا لِيُدْرِكَ الرَّكْعَةَ؛ لأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَقْتَصِرَ لِحَاجَةِ إِنْسَانٍ فِي أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ كَانَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي أَمْرٍ أُخْرَوِيٍّ، وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ شِرْكًا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، انْتَهَى. وَجَعَلَ اقْتِصَارَهُ -عليه السلام- لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ غَيْرِ مَرَضِيٍّ، وَفِي اسْتِدْلَالِهِ نَظَرٌ؛ إِذْ فَرَّقَ بَيْنَ تَخْفِيفِ الطَّاعَةِ وَتَرْكِ الإِطَالَةِ لِغَرَضٍ، وَبَيْنَ إِطَالَةِ الْعِبَادَةِ بِسَبَبِ شَخْصٍ، فَإِنَّهُ مِنَ الرِّيَاءِ الْمُتَعَارَفِ، وَقَالَ الْفُضَيْلُ مُبَالِغًا: الْعِبَادَةُ لِغَيْرِ اللَّهِ شِرْكٌ، وَتَرْكُهَا لِغَيْرِهِ تَعَالَى رِيَاءٌ، وَالإِخْلَاصُ أَنْ يُخَلصَكَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَأَيْضًا الإِمَامُ مَأْمُورٌ بِالتَّخْفِيفِ وَمَنْهِيٌّ عَنِ الإِطَالَةِ، وَأَيْضًا تَرْكُ التَّخْفِيفِ مُضِرٌّ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ تَرْكِ الإِطَالَةِ فِي الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَةُ لَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ أَصْلِيٌّ أَصْلًا. نَعَمْ لَوْ صُوِّرَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْقَعْدَةِ الأَخِيرَةِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ حَسَنٌ، لَكِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّ الإِمَامَ لَوْ أَطَالَ الرُّكُوعَ لإِدْرَاكِ الْجَائِي لَا تَقَرُّبًا بِالرّكُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَيُخْشَى عَلَيْهِ مِنْهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ، وَلَكِنْ لَا يَكْفرُ بِسَبَبِ ذَلِكَ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِهِ عِبَادَةَ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْجَائِي فَلَا بَأْسَ أَنْ يُطِيلَ وَإِلَّا صَحَّ أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى، وَأَمَّا لَوْ أَطَالَ الرُّكُوعَ تَقَرُّبًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَخَالَجَ قَلْبُهُ بِشَيْءٍ سِوَى التَّقَرُّبِ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا بَأْسَ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>