للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المسجد النبوي ومتصلًا به، وكان بمكة مسافرًا والمنزل بعيد، فجعل التقدم قائمًا مقام الرجوع إلى البيت، وقال الطيبي (١): لعله فعل ذلك تعظيمًا لصلاة الجمعة، وتمييزًا لها عن غيرها، وأما تخصيص مكة بما فعل دون المدينة فتعظيم لها، انتهى.

ولعله -رضي اللَّه عنه- إنما زاد في الصلاة بمكة بأن صلى ثمة ستةً لكثرة الثواب أضعافًا مضاعفة، ولجواز الصلاة في الأوقات المكروهة فيها، وقال الترمذي: روي عن علي ابن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- أنه كان يأمر بالركعتين بعد الجمعة، ثم بأربع، والسنة عند أبي حنيفة -رحمة اللَّه عليه- بعد الجمعة أربع، وعند صاحبيه ست: أربع، ثم اثنتان، هذا في الصلاة بعد الجمعة، وأما الصلاة قبل الجمعة فثابت، وقد أنكره بعض المحدثين وبالغوا في الإنكار، وقال صاحب (سفر السعادة) (٢): الذين قالوا بسنة الجمعة قبلها، إنما قالوا بها قياسًا على الظهر، وإثبات السنن بالقياس غير جائز، وقال: ومن صنف من العلماء في سنن الصلوات واعتنوا بضبطها لم يرووا فيها شيئًا، انتهى.

وأقول: اعلم أن الترمذي عقد في جامعه بابًا في الصلاة قبل الجمعة وبعدها، وأورد في كل منها أحاديث، وقال: وروي عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعًا وبعدها أربعًا، وذهب سفيان الثوري وابن المبارك إلى قول ابن مسعود، وفي (جامع الأصول) (٣) من حديث (الموطأ) عن الزهري عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه قال: كانوا في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- يصلون يوم الجمعة، حتى يخرج عمر -رضي اللَّه عنه-، وإذا خرج جلس على منبر فأذن المؤذن، الحديث.


(١) "شرح الطيبي" (٣/ ٩٣).
(٢) "سفر السعادة" (ص: ١١٧).
(٣) "جامع الأصول" (٥/ ٦٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>