للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَتَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ، قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتيْنِ،

ــ

خمسين آية قبل أن يرفع رأسه) الظاهر -واللَّه أعلم- أن يكون اللام في (السجدة) للعهد الذهني، و (من) للتبعيض، والمراد أنه كان يسجد سجدة من بعض سجداته طويلًا هذا القدر المذكور، ويحتمل أن يكون للاستغراق يعني كان قد يسجد سجدات تلك الركعات طويلة، وقد حمله بعض الشافعية على أنه سجدة شكر كان يسجدها من جهة ما صدر عنه الفعل المذكور.

واعلم أن ما وقع عليه العمل في بعض البلاد من السجدتين بعد الوتر بالكيفية المعروفة وقع فضلها في بعض الروايات الفقهية الضعيفة المرجوحة، فلا أصل له من الأخبار والآثار، ولا وردت به الرواية الفقهية المختارة، ولا عُمل عليه في الحرمين الشريفين بل سائر ديار العرب، وقد يروى في ذلك حديث حكموا بوضعه، وآثار الوضع منه لائحة، وما ذهب أحد من أئمة المذاهب الأربعة إلى سنِّيتهما أو استحبابهما، وأكثر حنفية تلك الديار لا يعرفونهما، وبعضهم ينقلون كراهيتهما، واللَّه أعلم.

وقوله: (فإذا سكت المؤذن) الرواية المشهورة بالتاء الفوقانية، وقد يروى: (سكب) بالموحدة، أي: صب، قال في (مشارق الأنوار) (١): رويناه بالتاء من السكوت في هذا الحديث، ورويناه عن الخطابي (سكب) بالباء، وحدثونا عن أبي مروان بن سراج أن (سكت) و (سكب) بمعنًى واحد.

وقوله: (من صلاة الفجر) أي: من أذانه.

وقوله: (وتبين له الفجر) إشارة إلى أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يكتفي في أداء


(١) "مشارق الأنوار" (٢/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>