ويكلف نفسه من العبادة فوق طاقته، ويتعمق بترك الرفق، والمشادة: المغالبة، أتى بصيغة المفاعلة لوجود القوة في جانب الدين أيضًا بعد تيسره، والإتيان به كله، فكأنه يقع التنازع والتجاذب بينه وبين الدين.
وقوله:(إلا غلبه) أي: الدين يعجزه عن العمل به كله أو بعضه كقوله تعالى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}[الحديد: ٢٧].
وقوله:(فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا) أي: إذا ثبت ما في المشادة من الفترة في العمل فسددوا، أي: فالزموا الطريقة المستقيمة والقصد في العمل والعدل فيه، ومنه حديث:(وما من مؤمن يؤمن باللَّه، ثم يسدد -أي: يقتصد- فلا يغلو ولا يسرف)، وحديث الصديق -رضي اللَّه عنه- وسئل عن الإزار-: سَدِّدْ وقَارِبْ، أي: فلا تُفْرِط في إرساله ولا تشمره، ومنه حديث:(سل اللَّه السداد، واذكر بالسداد تسديدك السهم) أي: إصابة القصد به. (وقاربوا) أي: اقربوا من السداد، أي: إن عجزتم من السداد فاقربوا منه، وقيل:(قاربوا)، أي: اطلبوا قربة اللَّه، وقيل:(قاربوا) تأكيدٌ لـ (سددوا) مِن قارب فلانٌ في أموره: إذا اقتصد، وروي (قرِّبوا) أي: غيركم إليه. (وأبشروا) بقطع الهمزة من الإبشار، وجاز لغة: ابْشُروا بضم الهمزة والشين من نصر، من البِشر بمعنى الإبشار، كذا قال الكرماني (١)، أي: أبشروا بأن اللَّه رضي لكم الكثير من الأجر بقليل من العمل.
وقوله:(الغدوة) روي بالضم والفتح، فبالضم: البكرة، أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس كالغداة، وبالفتح: السير أول النهار.
وقوله:(والروحة) بالفتح: السير بعد الزوال، و (الدلجة) بفتح أوله وضمه