للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا أَسَنَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَخَذَ اللَّحْمَ أَوْتَرَ بِسَبعٍ، وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ فِي الأُولَى، فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَيَّ،

ــ

وهو الصحيح.

ثم نية التشفيع على تقدير الإيتار أول الليل -كما يفعله بعض الناس بجعل الركعتين قاعدًا في حكم ركعة واحدة- لا معنى له، وهو ناقض ومبطل للوتر من غير ضرورة بعد ما عرف كون الصلاة بعد الوتر جائزة، وعلى هذا إذا صلى الوتر أول الليل، ثم قام وتهجد لا حاجة إلى إعادة الوتر، وهو المختار صرح به الشيخ ابن الهمام، وقد ورد: (لا وتران في ليلة)، وقال بعض العلماء: هاتان الركعتان ملحقتان بالوتر جاريتان مجرى سنة، لا سيما على مذهب من يقول بوجوب الوتر، ولما كان وتر النهار الذي هو صلاة المغرب مشفوعًا بالركعتين جعل وتر الليل أيضًا مشفوعًا بركعتي السنة، واللَّه أعلم.

وقوله: (فلما أسن) أي: كان في آخر حياته، وفي شرح الشيخ: قبل موته بسنة.

وقوله: (وأخذ اللحم) قالوا: وذلك بإعطاء اللَّه إياه جميع مطالبه ومراداته، وفراغه واستراحته من عناء الدعوة، ودخول الناس في دين اللَّه أفواجًا، وتهيُّئه لدخول جناب رب العالمين {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: ٥٥]، وهذا يدل على أن المراد بما ورد في حديث آخر من قوله: (فلما بدَّن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) هو أخذ اللحم، كما يكون في آخر العمر، والأكثرون على أن المراد به ضعف الشيبة وكبر السن، وقد يؤول ههنا أخذ اللحم بالضعف المذكور، وقد مر الكلام فيه.

وقوله: (وصنع في الركعتين) أي: بعد الوتر.

وقوله: (مثل صنيعه في الأولى) أي: في صورة الأولى وهي الإيتار بالتسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>