عن محمد -رحمه اللَّه- أنه لا يوقت دعاء في القنوت، وفي غيره من مواضع الدعاء كالطواف ونحوه؛ لأن تعيين الدعاء يذهب برقة القلب ويورث السآمة، والأكثرون على التوقيت؛ لأنه ربما يجري على اللسان ما يشبه كلام الناس إذا لم يوقت فتفسد الصلاة، ولا شك أن هذا الخلاف لا يكون فيما ثبت توقيته في الشرع، وفيه يلزم التوقيت، إما وجوبًا فيما يجب أو استحسانًا فيما يستحب، واستثنى في (المحيط) و (الذخيرة) من عدم التعيين: (اللهم إنا نستعينك)، و (اللهم اهدنا)، فعندنا الموقت في القنوت هو (اللهم إنا نستعينك)؛ لأن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- اتفقوا عليه، ولو اكتفى به جاز، والأولى أن يقرأ بعده:(اللهم اهدنا فيمن هديت)، وذكر الشُّمُنِّي عن أبي الليث:(اللهم اغفر لي) ثلاث مرات، انتهى.
وقيل: يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وقيل: من لم يحسن القنوت يقرأ باللهم اغفر لي وربنا آتنا، كذا في شرح ابن الهمام (١)، هذا عندنا، وعند الشافعية يقرؤون هذا ويكتفون به، ولا يرون إنا نستعينك من القنوت، وقالوا: ليس روايته في الصحيحين والسنن المعروفة، ولكن أئمتنا أثبتوه بطرق صحيحة من الطبراني وغيره، وأورد الشيخ ابن الهمام عن أبي داود من حديث خالد بن أبي عمران قال: بينما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعو على مضر، إذ جاء جبريل عليه السلام فأومأ عليه أن اسكت فسكت، فقال: يا محمد! إن اللَّه لم يبعثك سبّابًا ولا لعّانًا، وإنما بعثك رحمة للعالمين، ليس لك من الأمر شيء، ثم علمه اللهم إنا نستعينك ونؤمن بك، ونخضع لك، ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إلى قوله: إن عذابك الجد بالكفار ملحق.