للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للنصف الآخر بزيادة الاجتهاد، ويستأنس له بما روى مسلم عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره، وكذا جاء في رواية الترمذي، وكان الذي يروى عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ في صلاة الليل بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، ولا يمر بآية تخويف إلا وقف وسأل في قيام رمضان بالليل على ما ذكر في (المواهب اللدنية) (١).

ولنا الأحاديث الواردة في قنوت الوتر مطلقًا من غير تخصيص كونه في رمضان أو غيره كقولهم: كان يقنت في الوتر، وقنت في وتره، وكان يقول في وتره، وأمثال ذلك، والوتر كان دائمًا غير مخصوص برمضان ونصفه الأخير، فالقنوت كذلك.

الاختلاف الثالث في قنوت الصبح، والشيخ ابن الهمام أورد الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن الصحابة من الخلفاء الأربعة وغيرهم كثيرًا، وأجاب عن ذلك بتعليل تلك الأحاديث وتضعيف رواتها، وقرر بعد التقييد والتحقيق أن ذلك كما قال صاحب (الهداية): منسوخ تمسكًا بما رواه البزار وابن أبي شيبة والطبراني والطحاوي (٢) كلهم من حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه قال: لم يقنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصبح إلا شهرًا ثم تركه، لم يقنت قبله ولا بعده، وقال: روى الخطيب في (كتاب القنوت) عن أنس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا عليهم، وهو صحيح، وما روى الخطيب بخلاف ذلك مما يدل على أنه كان يقنت حتى مات، وروى الدارقطني وغيره عن أبي جعفر الرازي عن أنس: ما زال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقنت في الصبح


(١) "المواهب اللدنية" (٤/ ١٩٤، ٢٠٨).
(٢) "مسند البزار" (٥/ ١٥)، و"مصنف ابن أبي شيبة" (٦٩٠٤)، و"المعجم الكبير" (١٠/ ٦٩)، و"شرح معاني الآثار" (١/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>