للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى؟ فَقَالَ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى". ثَلَاثًا. قُلْتُ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى هَامَتِهِ فَقَالَ: . . . . .

ــ

كما يفعله أهل الحساب، وتخصيصه بهذه الليلة تشريف لها، قلت: نعم يمكن وهو أمر معقول، وقد قيل به نظرًا إلى ظاهر عبارة الحديث، ولكن المناسب في هذا المقام نظرًا إلى قرائنه أن يكون المراد برفع الأعمال كتابة الأعمال الصالحة التي يعمله العبد في الاستقبال، وترفع في تلك السنة يوما فيومًا، كما يكتب من يولد ومن يهلك، كما حمله الطيبي عليه (١)، وعلى هذا يكون المراد بإنزال أرزاقهم أيضًا كتابتها كما ورد في الأحاديث: (يكتب فيها الآجال والأرزاق، ويكتب فيها الحاج) أخذًا من قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٤]، قال عكرمة (٢): في ليلة النصف من شعبان يبرم أمر السنة وينسخ الأحياء [من الأموات]، ويكتب الحاج، فلا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد، وذهب أكثر أهل العلم إلى أن ذلك في ليلة القدر، والآية نازلة فيها بدليل ما قبله {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} أي: القرآنَ {فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}، ولعل الابتداء فيه يكون من ليلة النصف من شعبان.

وقوله: (فقالت: يا رسول اللَّه! ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة اللَّه تعالى) لما سمعت عائشة -رضي اللَّه عنها- ذكر الأعمال الموصلة إلى الجنة وأنها تكتب وتقدر قبل وجودها من العبد سألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على طريق الاستفهام التقريري: ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة اللَّه؟ يعني يلزم منه أن لا يدخل أحد الجنة إلا برحمة اللَّه وفضله، فقرره


(١) انظر: "شرح الطيبي" (٤/ ١٢٣٨).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢١/ ٩)، و"تفسير القرطبي" (١٦/ ١٢٦)، و"الدر المنثور" (٧/ ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>