في منى أربع ركعات، والصحابة الذين معه أيضًا صلوا أربعًا، وكانت عائشة -رضي اللَّه عنها- أيضًا تتم.
وقال علماؤنا: قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} ليس نصًّا في الرخصة والتخيير، وإنما قال بهذه العبارة لأن المسلمين لكمال ولعهم وشغفهم بالعبادة وتكثيرها وإتمامها كأنهم كانوا يتحرجون في القصر وكانوا يعدونه جناحًا، فقال: لا جناح عليكم أن تقصروا، ولا حرج، فإن الركعتين في حكم الأربعة على قياس ما قال بعض العلماء الذين قالوا بوجوب السعي بين الصفا والمروة في قوله تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}[البقرة: ١٥٨]، والقياس على الصوم فاسد، فإن قضاء الصوم واجب، وهذه علامات الوجوب، وكونه عزيمة بخلاف الشفع الثاني في صلاة السفر فعلم أنه ليس بواجب، وبعضهم قالوا: إن القصر المذكور في الآية قصر الأفعال دون قصر الأعداد، كما في صلاة الخوف بسقوط الاستقبال والتزام المكان ونحوهما فيها، وجاء عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بطريق الشهرة أنه لم يتم في سفر أبدًا، وروى مسلم عن عائشة -رضي اللَّه عنها- بطرق متعددة أنها قالت: كان فرض الصلاة في الابتداء ركعتين في السفر والحضر، فقررت في السفر تلك الركعتان، وزيد في الحضر، ويعلم من هذا أن الركعتين في السفر ليستا رخصة حقيقة بعد ما كانت أربعًا، بل هو أصل المشروع وهو معنى العزيمة، فتدبر.
وروى النسائي وابن ماجه (١): صلاة السفر ركعتان، وصلاة الضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمام [غير] قصر على لسان محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذلك روى ابن حبان في (صحيحه) ومسلم عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: فرض اللَّه تعالى