للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المعتبر هو الأول المستحدث إن أوقع في وقتها، وهو بعد الزوال؛ لأن المقصود -وهو الإعلام- إنما حصل به، كذا في (الهداية) (١).

ثم هذا النداء الأول العثماني قد سمي في بعض الأحاديث ثانيًا باعتبار الحدوث وإن كان أولًا باعتبار الفعل، وقد استغرب بعض الفضلاء في العبارة فقال: الأول ثان والثاني الأول، وسمي في بعضها ثالثًا باعتبار تسمية الإقامة أذانًا باعتبار أنه إعلام كما ورد: (بين كل أذانين صلاة)، وكما ورد بهذا الاعتبار أنه كان في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أذانان.

وذكر في بعض الكتب أن الأذان الأول من محدثات بني أمية، والظاهر أن هذا لما ذكر بعض المحققين أن هذا النداء العثماني الذي أمره بالزوراء نقله هشام بن عبد الملك إلى المسجد، وجاء في بعض الروايات أن الأذان الأول حدث في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، واستمر إلى زمن أمير المؤمنين عثمان -رضي اللَّه عنه-.

وقال بعضهم: إن في زمن عمر -رضي اللَّه عنه- كان مجرد إعلام، فأمر عثمان -رضي اللَّه عنه- أن يفعل بلفظ الأذان على مكان عال، وهو الزوراء: موضع مرتفع بالمدينة في سوقها خارج المسجد، ويسمى أحجار الزيت؛ لما فيه أحجار سود، كأنها طليت بالزيت، وعلى كل تقدير لا يقال: لما فعلته الخلفاء الراشدون بدعة، فقد جاء إطلاق السنة عليها، وقد أطلق بعض العلماء بمعنى أنه أمر مستحدث لم يكن في زمنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يقصد تذميم تلك الفعلة وتقبيحها، كذا قال العلماء.

ثم اعلم أن الحادث في زمان عثمان -رضي اللَّه عنه- هو الأذان الأول الذي سبق ذكره، أما الأذان الآخر بعده في وقت السنة، فلم يكن في زمن النبوة، ولا في زمن الصحابة، ولا بعدهم، ولا عمل عليه في أكثر ديار الإسلام، ولم يعلم متى حدث، ويقال: إنه


(١) "الهداية" (١/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>