للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا لِيُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذِن رَبِّنَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٥٧٤٣، م: ٢١٩٤].

ــ

وقوله: (تربة أرضنا) أي: هذه تربة معجونة وممزوجة.

وقوله: (بريقة بعضنا) حال أو خبر ثان.

وقوله: (ليشفى سقيمنا) علة لما يفهم من الكلام، والتقدير: قلنا هذا القول أو فعلنا هذا الفعل ليشفى، وفي رواية بدون اللام.

قال النووي (١): كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأخذ من ريق نفسه على أصبعه المسبحة ثم يضعها على التراب فيتعلق (٢) منه بشيء، ثم يمسح به على الموضع العليل القريح (٣) قائلًا الكلام المذكور حال المسح، وللرقى آثار عجيبة لا تظهر أسرارها، انتهى.

ولو قيل باختصاصه به -صلى اللَّه عليه وسلم- كان وجهًا، وهذا مما لا يدركه العقل، ولأفعاله -صلى اللَّه عليه وسلم- أسرار غامضة علمها موكول إلى علمه، والمقيدون في مضيق الطبيعة والتفلسف يطلبون حقائقها ولا يدركونها كما هي، منها ما قال القاضي البيضاوي رحمه اللَّه (٤): إنه قد شهدت المباحث الطبية على أن الريق له مدخل في النضج وتبديل المزاج، ولتراب الوطن تأثير في حفظ المزاج الأصلي، حتى قيل: إنه ينبغي للمسافر أن يستصحب تراب أرضه، ويجعل شيئًا منه في سقائه، ويشرب الماء منها ليأمن تغير مزاجه.

وقال التُّورِبِشْتِي (٥) في تأويله: الذي يسبق إلى الفهم أن (تربة أرضنا) إشارة إلى


(١) "شرح صحيح مسلم" للنووي (٧/ ٤٣٨).
(٢) كذا في المخطوطة، وفي أكثر الشروح: فَيَعْلَقُ بِهَا مِنْه شَيْءٌ.
(٣) كذا في المخطوطة، وفي أكثر الشروح: "الجريح" بدل "القريح"، وكلاهما صحيح معنى.
(٤) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٢٠٨).
(٥) "الميسر" (٢/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>