للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنها: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- تحمل شدة أعباء هذا الأمر وقوة هذا الأمر من الأمة كما جاء في القرآن المجيد: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} [التوبة: ١٢٨] خصوصًا على قراءة الوقف على {عَزِيزٌ}، وجعل {عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} خبرأ ومبتدأ.

ومنها: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان متوليًا مفوضًا إليه أمور المملكة الإلهية، وأي مملكة كان فيها وأي دائرة واسعة كان متوليًا عليها، ومن العادة المستمرة لمن فوض الملك أمر مملكته إليه واستحفظه عليها واستخلفه فيها، ثم أراد نقله عنها ورجوعه إليه يستعد لما يسأل عنه من أمورها ليكون على أهبة لما يطلب منه. وكان سيدي الشيخ عبد الوهاب ينقل من شيخه علي المتقي -رحم اللَّه عليهما- أنه كان يقول وقت وفاته: إذا رأيتم مِنّا شدة سكرات الموت فلا تحزنوا فإن ذلك من لازم منصب القطبية.

ومنها: وهو الوجه الوجيه وحقيقة الأمر -إن شاء اللَّه تعالى-: أتحف إليه في ذلك الوقت تنزلات أحدية، وتجليات صمدية، وأسرار كانت مستكنة في غيابة قدس الذات، ومشاهدة كانت مترفعة بالأسماء والصفات، ولقد كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يجد من الثقل والشدة في زمان الوحي ما يجد، فهذا آخر ذلك الأوقات وأتمها وأكملها، فموته الذي هو الحياة الأبدية بالإفاضات الإلهية له سكرات مشاهدات تبرز لأجل ضرورة ضيق نطاق الجثمان عن محض عالم العيان بصورة سكرات مجاهدات.

ومنها: إحساسه -صلى اللَّه عليه وسلم- باللقاء الخاص على ما عنده من مزيد الخشية وعظيم الهيبة ووافر الإجلال مناسب معرفته وحاله في العبودية في حضرات قربه، كما قال: (إني أعرفكم باللَّه أخوفكم منه)، فلذلك ظهر عليه ما ظهر.

ومنها: استطارة الشوق إلى ذلك اللقاء الروحي الحامل على الإسراع لذلك، حتى كأنه يريد أن يخرج روحه ويدرجها بسرعة في غيب ذلك القرب الخاص، فينشأ

<<  <  ج: ص:  >  >>