للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من ندم) (١)، وقال بلال: حين قالت زوجته عند موته: واكرباه: لا بل واطرباه، وقال أبو الدرداء -رضي اللَّه عنه-: أحب الموت اشتياقًا إلى ربي (٢)، وقال اللَّه سبحانه لأهل الكتاب حين قالوا: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: ١١١]، وقالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: ١٨] {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ٩٤] وقال: {قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} [الجمعة: ٦]؛ لأن من أيقن أنه من أهل الجنة اشتاقها وأحبَّ التخلص إليها من هذه الدار ذات الشوائب، وكذا من زعم أنه من أهل ولاية اللَّه اشتاق إلى جوار اللَّه وقربه والانتقال من دار البلية إلى محل الكرامة، وكل محب يشتاق لقاء محبوبه، وكذا لا يكره تمني الموت لخوف إصابة ضرر في الدين لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك) (٣)، وذكر الموت كناية عن الخوف والخشية من اللَّه، والعمل بمقتضاه، والتوبة والاستغفار، وتقديم ما ينفع في الدار الآخرة، وإلا فذكره بدون العمل ليس بشيء، بل ربما يورث القسوة كذكر اللَّه بالغفلة كما قال بعض العارفين في قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: ٢٢].


= فهو قول بلال -رضي اللَّه عنه- حين نادت امرأته: واحزناه، فقال: "واطرباه، غدًا ألقى. . . إلخ". انظر: "الشفا" (٢/ ٥٣)، و"المواهب اللدنية" (١/ ١٤٤).
(١) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٤/ ٥٤٧).
(٢) أخره أبو داود في "الزهد" (٢٣٧)، والبيهقي في "الشعب" (٩٦١١).
(٣) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (١/ ٧٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>