للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلَامِ،

ــ

هذه القضية كان في آخر عهده -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقوله: (أخبرني عن الإسلام) (١) وفي رواية الترمذي تقديم السؤال عن الإحسان وإن كان المناسب ذكره بعد الإسلام؛ لكونه بيانًا لكيفية العبادة التي هي الإتيان بأركان الإسلام، والإسلام لغة: الاستسلام والطاعة والانقياد عن طوع ورغبة، وفي الشرع: الانقياد إلى الأعمال الظاهرة كما بينه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالأركان الخمسة، فالإسلام يطلق على ما في الظاهر من التسليم والانقياد والطاعة، والإيمان على ما في الباطن من التصديق والاعتقاد والإذعان، فالإسلام ثمرة الإيمان وفرعه ونتيجته، ويشملهما اسم الدين، ولذلك قال في آخر الحديث: (أتاكم يعلمكم دينكم)، والإحسان يكملهما، وقد جاء الدين بمعنى الإسلام منحصرًا فيه كما في قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩]، والمراد به ههنا الدين المشتمل على الأصول والفروع، قال البيضاوي (٢): وهو التوحيد والتدرع بالشرع الذي جاء به محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، انتهى.

ويمكن أن يكون حصر الدين فيه مبالغة واهتمامًا بشأن العمل والتشرع؛ كقولهم: (الحج عرفة)، ثم تكلموا في اتحاد الإيمان والإسلام وتغايرهما، وللإمام الغزالي في


(١) اعلم أنه قدم السؤال عن الإسلام في هذه الرواية، وفي حديث أبي هريرة عند البخاري قدم السؤال عن الإيمان، قال الحافظ (١/ ١١٧): لا شك أن القصة واحدة، واختلفت الرواة في تأديتها، والبغوي ذكر في "المصابيح" السؤال عن الإيمان وجوابه مقدمًا على الإسلام، وهو خلاف ما وقع في حديث عمر عند مسلم وغيره، ففي إيراد الحديث بهذا اللفظ اعتراض فعلي من صاحب "المشكاة" على البغوي في "المصابيح". انظر: "مرقاة المفاتيح" (١/ ٥٣)، و"مرعاة المفاتيح" (١/ ٣٩).
(٢) "تفسير البيضاوي" (١/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>