للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ،

ــ

حديث آخر: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا) (١) الحديث، والحق أن المراد القول والإخبار وإن لم يكن بلفظ (أشهد)؛ للإجماع على أن من قال: لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه فقد أسلم، وقد ورد في الحديث: (من قال: لا إله إلا اللَّه دخل الجنة) (٢)، وقد صحت رواية (حتى يقولوا)، وقد اشترط بعض الشافعية لفظ (أشهد) أو ما في معناه كـ (أعلم)، والحق الإطلاق.

وقوله: (وتقيم الصلاة) الروايات الصحيحة المشهورة بنصب (تقيم)، وقد يرفع هذا وما بعده مستأنفة عما قبلها؛ لأنه يكفي في إجراء أحكام الإسلام الشهادتان، والأصوب النصب؛ لأن الانقياد في معنى الإسلام أتم وأكمل في المجموع، فكان الحمل عليه أولى وأنسب، وإن كان أصله حاصلًا في الشهادتين وحدهما، فصار الإسلام مثل الإيمان في أن كمالهما بالأعمال ونقصانهما بتركها.

والمراد بإقامة الصلاة تعديل أركانها، ورعاية شروطها وآدابها، وظاهرها وباطنها، ومحافظة أن يقع فيها زيغ واعوجاج في أفعالها، منْ أَقَامَ العودَ: إذا قوَّمه، أو المواظبة والمداومة عليها، من أقمت السوق: إذا جعلتَها نافقة رائجة، أو الجِدّ في أدائها من غير فتور وتوان، من أقام الأمر: إذا جدّ فيه وتجلّد.

وقال سيدي الشيخ أبو العباس المرسي -قدس اللَّه روحه، وأوصل إلينا فيوضه وفتوحه-: كل موضع ذكرت فيه الصلاة في معرض المدح فإنه إنما جاء لمن أقام الصلاة، إما بلفظ الإقامة أو بمعنى يرجع إليها، قال اللَّه سبحانه: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ


(١) أخرجه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢١).
(٢) أخرجه الترمذي (٢٦٣٨)، وابن حبان (١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>