للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ". قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ،

ــ

وقوله: (بالقدر خيره وشره) وفي رواية لمسلم: (بالقدر كله)؛ أي: بأن اللَّه قدر الخير والشر قبل الخلق، وجميع الكائنات بقضائه وقدرته وإرادته، وأن ما قدّره اللَّه لابد من وقوعه، وما لم يقدّره يستحيل وقوعه، قالوا: الإيمان بالقدر على قسمين:

أحدهما: الإيمان بأنه قد سبق في علمه ما يفعله العباد من خير وشر، وأنه كتب ذلك عنده وأحصاه، وأن أعمال العباد تجري على ما سبق في علمه وكتابه.

وثانيهما: أنه تعالى خلق أفعال عباده كلها من خير وشر وكفر وإيمان.

وهذا القسم ينكره القدرية كلهم، والأول لا ينكره إلا غُلاتهم، وكفرهم بإنكاره كثير من العلماء، وهو محل الخلاف حيث لم ينكروا العلم القديم، كما نص عليه الشافعي وأحمد وغيرهما، كذا ذكره شيخ شيوخنا ابن حجر المكي في (شرح الأربعين) (١)، رحمة اللَّه عليه.

ويؤخذ من هذا الحديث تكفيرهم لجعل القدر من أجزاء المؤمَن به، ويشهد لذلك تبرئة ابن عمر منهم، وخبر: (القدرية مجوس هذه الأمة) (٢)، والأشبه عدم التكفير، وتبرئة ابن عمر تغليظ على الابتداع، والحديث غير ثابت، والمسألة آيلة إلى تكفير أهل القبلة من أهل البدعة وعدمِه، والأشبه عدم التكفير فيما ليس معلومًا في الدين بالضرورة، وفيما فيه مجال للشبهة والتأويل، وهو المختار الذي عليه جمهور المتكلمين والفقهاء، واللَّه أعلم.

وقوله: (فأخبرني عن الأحسان) لما بيّن معنى الإسلام والإيمان الذي هو أصل


(١) "فتح المبين لشرح الأربعين" (ص: ٧٣).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٦٩١)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ١٥٩، رقم: ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>