للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَوْ حَضَرْتُكَ مَا دُفِنْتَ إِلَّا حَيْثُ مُتَّ، وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: ١٠٥٥].

ــ

(بعد)، ويجوز أن يكون بمعنى (مع)، كذا نقل من (مغنى اللبيب) (١)، وهذان البيتان لتميم بن نويرة، قالها في مرثية أخيه مالك لما قتله خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر -رضي اللَّه عنهما- لقوله عن النبي [-صلى اللَّه عليه وسلم-]: (صاحبكم) (٢).

وقوله: (لو حضرتك) أي: وقت وفاتك (ما دفنت) بلفظ المجهول المخاطب، (إلا حيث مت) أي: منعت أن تنقل منه إلى مكة؛ لأن عدم النقل هو السنة والأفضل، (ولو شهدتك) وقت موتك ودفنك، (ما زرتك) أي: قبرك الآن، لكني زرتك لعدم حضوري وقت موتك ودفنك.

وَوُجِّه بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى النساء عن زيارة القبور ولعنهن عليها، وقيل: هذا إنما يتم لو لم تكن عائشة عالمة بنسخ ذلك، وأجيب بأن النسخ إنما هو في حق الرجال بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها)، وأما النساء فباقية على النهي، كما ذهب إليه البعض، نعم يرد أن عائشة كيف زارت مع النهي وإن كانت لم تشهد وقت موته ودفنه؟ وقد يقال: أشارت بذلك إلى ما هو المقرر من أن أمهات المؤمنين في حكم المعتدات على الأبد، فيلزمهن ملازمة مساكنهن، ولا يجوز لهن الخروج منها إلا لضرورة أو حاجة مهمة كالحج ونحوه، ومجرد الزيارة ليست كذلك، كذا قيل، وفيه


(١) "مغني اللبيب" (ص: ٢٨١).
(٢) وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استعمل مالك بن نويرة على صدقات قومه، فلما بلغته وفاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمسك الصدقة وفرقها في قومه، فقتله ضرار بن الأزور بأمر خالد بن الوليد بعد فراغه من قتال الردة، وكان خالد يقول: إنه إنما أمر بقتل مالك لأنه كان إذا ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما إخال صاحبكم إلا قال كذا وكذا، فقال له: أو ما تعده لك صاحبًا؟ "، انتهى مختصرًا من "الإصابة" (٦/ ٣٦ - ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>