للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٢٩ - [٨] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيَلِجُ النَّارَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٦٦٥٦، م: ٢٦٣٢].

ــ

١٧٢٩ - [٨] (أبو هريرة) قوله: (فيلج) روي بالنصب والرفع، وفي النصب إشكال؛ لأن النصب بتقدير (أن) مشروط بوجود سببية ما قبل الفاء لما بعدها، وهي ههنا غير ظاهرة، وفي شرح الشيخ: بالنصب بظاهر الفاء، ولا يخفى ما فيه، وأما الرفع فلكون الفاء بمعنى الواو، والمراد عدم اجتماع موت ثلاثة من أولاده وولوجه النار، أو الفاء على حقيقتها، فيدل على عدم وجود الولوج عقيب الموت.

وقوله: (إلا تحلة القسم) تحلة مصدر بمعنى التحليل، يقال: حللته تحليلًا وتحلة، قال اللَّه تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢]، شرع لكم تحليلها بالكفارة أو بالاستثناء، فالتحلة ما تنحل به عقدة اليمين، ويتحلل به ما حرم على المقسم، والعرب تقول: فعلت تحلة القسم، أي: لم أفعل إلا بقدر ما حللت به يميني ولم أبالغ، وهو صار مثلًا للقليل المفرط في القلة.

ثم القسم الذي يلج المسلم لتحلته هو قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا} [مريم: ٧١]، إما بإضمار القسم فيه، أي: واللَّه إن منكم إلا واردها، أو المراد بالقسم ما دل على القطع والبت، وقيل: هو في قوله قبل هذا: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ} [مريم: ٦٨] الآية، أقسم اللَّه تعالى على أن يورد ويدخل جهنم كُلَّ أحد، وهو عام للكل حتى الأنبياء والمرسلين إلا سيد المرسلين -صلى اللَّه عليه وسلم- وعليهم أجمعين- في الأصح من القول، ولو في آنٍ كالبرق الخاطف أو الريح العاصف على ما ورد في المرور على الصراط، ولولا هذا القسم لما ولج المسلم الذي مات له ثلاثة من الولد.

<<  <  ج: ص:  >  >>