للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الموت، أو باعتبار تصرفه فيه بإذنه صريحا أو دلالةً، أو عرفًا وعادةً، أو جعل الولد ربًّا لها لأنه سبب عتقها، فكان كربّها المنعم عليها، أو لأنه لما كثر السبي يمكن أن يكون فيما بينهم من الأولاد من يسبي أمه ويملكها، فإن لم يظهر أنها أمه فيستمر على ذلك، وإن ظهر عتقت عليه فصار معتقها، والمعتق كالرب المنعم، وكونها علامة من جهة وجود الترفه والتنعم والخروج عن دائرة الاعتدال والاقتصاد في المعيشة وأسبابها وآلاتها المفضي إلى الخروج عن انتظام الأحوال والدخول في الفساد والاختلال، أو من جهة أن كثرة الجهاد والقتال موجب لاستيلاء المسلمين على بلاد الكفر، وقوة الإسلام وغلبة أهله وكماله، وإذا تقرر أن لكل كمال زوالًا يكون منذرًا بانتهاء دور الإسلام وانقطاع دولته، وهو علامة قيام القيامة، أو من جهة إساءة أدب الأولاد مع الأمهات وعقوقها (١)، ومعاملتهم معهن معاملة الملاك والسادات، ويمكن أن يتملك الولد بالسبي أو بالشراء ممن سبى أمه فيطأها أو يتزوجها.

فإن قلت: كثرة الجهاد والاستيلاء على بلاد الكفر كان كثيرًا في صدر الإسلام، والظاهر أن علامات القيامة تقع في آخر الزمان، وأن المقصود الإشارة إلى وقوع ما لم يقع مما سيقع قرب الساعة؟ قلنا: صدر الإسلام أيضًا كان آخر الزمان بالنسبة إلى ما مضى منه، وقد كان نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- نبي آخر الزمان، فلو وقع بعض علامات القيامة في


(١) قال الحافظ (١/ ١٢٢): أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمّه معاملة السيِّدِ أمتَه من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام، فأطلق عليه ربها مجازًا لذلك، أو المراد بالرب المربي فيكون حقيقة، وهذا أوجه الأوجه عندي لعمومه، ولأن المقام يدل على أن المراد حالة تكون مع كونها تدل على فساد الأحوال مستغربة، ومحصله الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور بحيث يصير المربَّى مربِّيًا والسافلُ عاليًا، وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى: أن تصير الحفاة ملوك الأرض. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>