للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واتفق العلماء على النهي عن السؤال من غير ضرورة، واختلفوا في أنه حرام أو حلال مع الكراهة بثلاثة شروط: أن لا يذل نفسه، ولا يلح في السؤال، ولا يؤذي المسؤول، فإن فقد أحد هذه الشروط فحرام بالاتفاق، وروي أنه سمع عمر -رضي اللَّه عنه- سائلًا يسأل بعد المغرب، فقال لواحد: عش الرجل فعشاه، ثم سمعه ثانيًا يسأل فقال: ألم أقل لك: عشه؟ فقال: عشيته، فنظر عمر -رضي اللَّه عنه- فإذا تحت يده مخلاة محشوة من خبز، فقال: لست بسائل، ولكنك تاجر، ثم أخذ المخلاة ونثرها بين يدي إبل الصدقة، وضربه بالدرة، وقال: لا تعد.

وعن ابن المبارك أنه قال: يعجبني أن السائل إذ سأل لوجه اللَّه لا يعطى شيئًا؛ لأن الدنيا خسيسة، فإذا سألها لوجه اللَّه تعالى فقد عظّم ما حقّره اللَّه، فلا يعطى زجرًا له، كذا في (الظهيرية)، وإذا قال الْمُكْدِي (١): بحق اللَّه تعالى أو بحق محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تعطيني كذا، لا يجب على المسؤول عنه في الحكم، كذا في (السراجية)، ومن أخذ بإظهار الحاجة كاذبًا لا يملكه، وكذا بقوله: أنا علوي وهو كاذب، ولمن أعطاه لصلاحه وهو في الباطن يقارف معصية لو عرفها المعطي لما أعطاه، فما أخذه لا يملكه وهو حرام عليه، ويجب رده على المالك، وكذا من يعطى لشر لسانه أو لشر سعايته فهو حرام عليه، كذا في (إحياء العلوم) (٢).

وإذا جاء الفقير وأراد أن يقبّل يد المسؤول عنه لينال شيئًا من عرض الدنيا فهو مكروه، فالأفضل أن يناول يده منعًا له عن المكروه، كذا في (نصاب الاحتساب)،


(١) الْمُكْدي من الرجال الذي لا يثوب له مال ولا ينمي. "لسان العرب" (١٥/ ٢١٦).
(٢) "إحياء علوم الدين" (٣/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>