للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ١٤٧٢، م: ١٠٣٥].

١٨٤٣ - [٧] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسَأَلَةِ: "الْيَدُ الْعُلْيَا. . . . .

ــ

الحديث الآتي، وعلى كل تقدير فيه نهيٌ عن السؤال وبيانٌ لفضل تركه، ففرَّعَ عليه قَوْلَهُ: (قلت: يا رسول اللَّه! والذي بعثك بالحق لا أرزأ) أي: لا أسأل أحدًا بعدك شيئًا، وأصل الرُّزْء بتقديم الراء على الزاي مهموز أو غير مهموز، من باب فتح وعلم: إصابة الخير من أحدٍ، يقال: رزأتُ الوحلَ ورزئتُهُ: إذا أصبت منه خيرًا، ورجل مُرَزَّأ: كريم يصيب الناس خيره، ويجيء بمعنى النقص، يقال: ما رزأته وما رزئته: أي: ما نقصته، فيكون المعنى لا أنقص أحدًا، أي: (شيئًا)، أي: مالًا، أي: لا أنقص مال أحد بالسؤال عنه والأخذ منه، وقد يجيء بمعنى إصابة مصيبة، والرزيئة: المصيبة، يقال: رَزَأَتْهُ، أي: أصابته مصيبة، ولو حمل على هذا المعنى ويراد عدم الطلب والسؤال لم يبعد، فإن سؤال مال أحد وأخذه لا يخلوا عن معنى إصابة المصيبة له، فافهم.

١٨٤٣ - [٧] (ابن عمر) قوله: (واليد العليا) هي المنفقة من الإنفاق، هكذا وقع في (صحيح البخاري) و (صحيح مسلم)، وقال الطيبي (١): وكذا ذكره أبو داود عن أكثر الرواة، وفي رواية أخرى له: اليد العليا هي المتعففة، من العفّة، والتعفف بمعنى الاستعفاف بمعنى طلب العفاف، يقال: عفّ عفًّا وعفافًا ومعافةً بفتحتين وعفّةً بالكسر، وهو الكف عن السؤال وعما لا يحل كاستعفّ وتعفّف، وهذا أنسب بسياق الحديث من قوله: (وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة)، وكلا المعنيين صحيح، ونقل


(١) "شرح الطيبي" (٤/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>