الحديث الآتي، وعلى كل تقدير فيه نهيٌ عن السؤال وبيانٌ لفضل تركه، ففرَّعَ عليه قَوْلَهُ:(قلت: يا رسول اللَّه! والذي بعثك بالحق لا أرزأ) أي: لا أسأل أحدًا بعدك شيئًا، وأصل الرُّزْء بتقديم الراء على الزاي مهموز أو غير مهموز، من باب فتح وعلم: إصابة الخير من أحدٍ، يقال: رزأتُ الوحلَ ورزئتُهُ: إذا أصبت منه خيرًا، ورجل مُرَزَّأ: كريم يصيب الناس خيره، ويجيء بمعنى النقص، يقال: ما رزأته وما رزئته: أي: ما نقصته، فيكون المعنى لا أنقص أحدًا، أي:(شيئًا)، أي: مالًا، أي: لا أنقص مال أحد بالسؤال عنه والأخذ منه، وقد يجيء بمعنى إصابة مصيبة، والرزيئة: المصيبة، يقال: رَزَأَتْهُ، أي: أصابته مصيبة، ولو حمل على هذا المعنى ويراد عدم الطلب والسؤال لم يبعد، فإن سؤال مال أحد وأخذه لا يخلوا عن معنى إصابة المصيبة له، فافهم.
١٨٤٣ - [٧](ابن عمر) قوله: (واليد العليا) هي المنفقة من الإنفاق، هكذا وقع في (صحيح البخاري) و (صحيح مسلم)، وقال الطيبي (١): وكذا ذكره أبو داود عن أكثر الرواة، وفي رواية أخرى له: اليد العليا هي المتعففة، من العفّة، والتعفف بمعنى الاستعفاف بمعنى طلب العفاف، يقال: عفّ عفًّا وعفافًا ومعافةً بفتحتين وعفّةً بالكسر، وهو الكف عن السؤال وعما لا يحل كاستعفّ وتعفّف، وهذا أنسب بسياق الحديث من قوله:(وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة)، وكلا المعنيين صحيح، ونقل