للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَرَدَةُ الْحِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ. . . . .

ــ

ما يوثق به الأسير من قِدٍّ أو قيد، (مردة) بفتحات جمع مارد وهو العاتي الشديد المتجرد للشرور، والمراد من التصفيد والفتح والتغليق المذكورة إما حقائقها أو كناية عن قلة إغواء الشياطين وفعل الخيرات والكف عن المخالفات، وأغرب من قال بتخصيصه بزمان النبوة، وإرادة الشياطين المسترقة للسمع، والظاهر العموم ولعدم خصوصيتها في ذلك الزمان برمضان إلا أن يراد الكثرة والغلبة، واللَّه أعلم (١).


(١) فَإِن قيل: كيف ترى الشرور والمعاصي واقعة فِي رَمَضَان كثيرًا، فَلَو صُفِّدَتِ الشَّيَاطِين لم يَقع شَيْء من ذَلِك؟ وأجيب عن ذلك بوجوه، الأول: أَن المراد من الشَّيَاطِين مسترقو السّمع مِنْهُم، فإنهم منعُوا زمن نزُول الْقُرْآن من استراق السّمع، فزيد التسلسل مُبَالغَة فِي الْحِفْظ. وَالثاني: أَن المراد أَن الشَّيَاطِين لَا يخلصون من إِفْسَاد الْمُسلمين إِلَى مَا يخلصون إِلَيْهِ فِي غَيره لاشتغالهم بالصيام الَّذِي فِيهِ قمع الشَّيَاطِين، وبقراءة الْقُرْآن، وَالذكر. وَالثالث: أن ذلك فِي حق الصائمين الَّذين حَافظُوا على شُرُوط الصَّوْم وراعوا آدابه. والرابع: أن المراد منها بعض الشَّيَاطِين وهم المردة كَمَا ورد في بعض الروايات، فالمطلق من الأحاديث محمول على المقيد، وَبذلك ترْجم ابْن خُزَيْمَة فِي "صَحِيحه" كذا في "العيني" (٨/ ٢٧). والخامس: ما أشار إليه ابن العربي في الجواب: أنه لَيْسَ مِنْ شَرْطِ وَسْوَسَة الشيطان وإغوائه اتِّصَالُه، بل يحتمل أن يوجد كَمَا يُوجَدُ الأَلَمُ فِي جَسَدِ الْمَسْحُورِ وَالْمَعْيُونِ عِنْدَ تَكَلُّمِ السَّاحِرِ أَوِ الْعَاكنِ، فَكَذَلِكَ يُوجَدُ عِنْدَ وَسْوَسَتِهِ مِنْ خَارِجٍ، كذا في "الزرقاني" (٢/ ٢٩٩). وقريب منه ما قال الباجي: إن المصفَّد هو المغلول اليد إلى العنق يتصرف بالكلام والرأي وكثير من السعي، انتهى. والسادس وهو الأوجه عندي: أن صدور المعاصي في رمضان ليس من أثر الشيطان بل من أثر النفس اللوّامة التي تشرّبتْ من أثر الشيطان في سائر السنة، فإن النفس لما تصبَّغَتْ بلونه تَصْدُرُ منها أفعاله، والفائدة إذ ذاك في تصفيد الشيطان ضعف التأثير في ارتكاب المعاصي، فمن أراد التجنب عن ذلك يسهل عليه. وهذا أمر مشاهد. والسابع: ما أفاده شيخ مشايخنا الشاه محمد إسحاق: أن ذلك مختلف =

<<  <  ج: ص:  >  >>