للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: ١٩٠٣].

ــ

القول، ولعل المراد به هنا ما يشتمل الفعل ليصح قوله: (والعمل به)، أو محمول على القول، والفواحش عمل بمقتضاه، كما أشار إليه الطيبي (١)، وفي بعض الحواشي أن الفواحش عمل بالزور؛ لأنها في الإثم كالزور.

وقوله: (فليس للَّه حاجة) (٢) أي: عناية ومبالاة، وهو كناية عن عدم القبول، قال المشايخ -رحمهم اللَّه-: الصوم ثلاثة: صوم العوام: وهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، وصوم الخواص: وهو منع الحواس كلها عن شهواتها ولذاتها المحرمة والمكروهة، بل وعن الانهماك في المباح أيضًا عما ينافي كسر النفس وقمعها، وصوم خواص الخواص: وهو الإمساك عما دون اللَّه وعدم الالتفات إلى غيره والتعلق بما سواه (٣).


(١) "شرح الطيبي" (٤/ ١٥٧).
(٢) قال البيضاوي: ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر اللَّه إليه نظر القبول، فقوله: "ليس للَّه حاجة" مجاز عن عدم قبول، فنفى السبب وأراد المسبب، وإلا فاللَّه تعالى لا يحتاج إلى شيء. وقال ابن بطال: ليس معناه يؤمر بأن يدع صيامه وإنما معناه التحذير من قول الزور، وما ذكر معه، كذا في "فتح الباري" (٤/ ١١٧). وفي "هامش البذل" (٨/ ٥٠٥): قال الشعراني في "ميزانه" (٢/ ٢٨٢): ومن ذلك إبطال الأوزاعي الصوم بالغيبة والكذب مع قول الأئمة بصحة الصوم مع النقص، انتهى. وفي "نفع المفتي والسائل": حكي الإجماع على عدم النقص، وقال: الروايات فيها كلها مدخولة أو مؤولة بفساد الثواب، أو بأن الصوم له ثلاث مراتب: صوم العوام والخواص والمقربين، فهذا يفسد غير الأول، وكذا جعل الصيام ثلاثة أنواع شارح "الإحياء".
(٣) قَالَ الطِّيبِيُّ (٥/ ١٥٩٠): وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ وَالزُّورَ أَصْلُ الْفَوَاحِشِ، وَمَعْدِنُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>