للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ: "أَرِينِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا" فَأَكَلَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ١١٥٤].

ــ

شديدًا، ثم يُنْدَرُ منه نَواهُ، ورُبَّما جُعِلَ فيه سَويقٌ، حاسَهُ يَحيسُهُ، كذا في (القاموس) (١).

وقوله: (أرينيه) بلفظ خطاب الواحدة، والمراد: قَرِّبيه، وقد جاء في رواية كذلك، وفي رواية: (أدنيه) بمعنى قربيه.

وقوله: (فلقد أصبحت صائما) أي: ناويًا للصوم.

اعلم أن هذا الحديث مشتمل على حكمين: الأول: أن نية صوم التطوع جائزة في النهار، ولا يجب التبييت، وهذا مما اتفق عليه الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد بشرط أن يكون قبل الزوال، وفي رواية عن الشافعي بعد الزوال أيضًا، والخلاف في الفرض، فعندنا يجوز، وعندهما لا يجوز، ومالك يشترط التبييت في الكل، وقد سبق تفصيل الكلام فيه مع دلائلهم في الفصل الثاني من باب بعد (باب رؤية الهلال) في حديث: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له).

والحكم الثاني: أن إفطار صوم التطوع بلا عذر جائز، وعليه أكثر العلماء، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يجب إتمامه، ولا يجوز الإفطار بعذر ضيافة أو نحوها؛ لأنه إبطال عمل، وإبطال العمل منهي عنه بقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣]، وكذا في كل عمل الشرع يلزم عندنا، ولو نقضه قضى، وفي رواية: يجوز مطلقًا؛ لأن القضاء خَلَفَه فلا بأس به، وفي وجوب قضاء صوم النفل أيضًا خلاف، وعند مالك يقضي حيث لا عذر له، وسيشرح ذلك في حديث الزهري عن عروة.


(١) "القاموس المحيط" (ص: ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>