للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن أبي حنيفة أنها تتحول في السنة، وتكون في رمضان وفي غيره، وأجاب أبو حنيفة عن الأدلة التي دلت على أنها في العشر الأخير من رمضان بأن المراد الرمضان الذي طلبها فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسياق الحديث يدل عند من تأمل طرق الأحاديث وألفاظها على هذا المعنى، انتهى. وهذا القول أقرب إلى تطبيق الأقوال وجمعها، واللَّه أعلم.

قالوا: والحكمة في إخفائها ليجِدّوا ويجتهدوا في الطاعة، وقيل: من اجتهد في قيام السنة أدركها إن شاء اللَّه تعالى، وفي مثل هذا المعنى قيل: من لم يعرف قدر الليلة لم يعرف ليلة القدر، وقد ذكر بعض العلماء لها علامات وأمارات استنبطوها من بعض الأحاديث والآثار، وأدرك بَعْضَها أهلُ الكشف من ذوي الأبصار، وقال الإمام الغزالي: ليلة القدر في حق كل أحد ما كوشف فيها له من عالم الملكوت، وقد نقل الطبري عن قوم أن الأشجار في تلك الليلة تسجد وتقع على الأرض ثم ترجع إلى منابتها، ويسجد فيها كل شيء.

وروى البيهقي في (فضائل الأوقات) (١) من طريق الأوزاعي عن عبيدة بن أبي لبابة: أن المياه المالحة تعذب تلك الليلة، وروى ابن عبد البر (٢) من طريق زهرة بن معبد نحوه، وتسطع الأنوار حتى في الأماكن المظلمة، ويسمع السلام والخطاب من الملائكة، والتحقيق أنه لا يشترط في إدراكها مشاهدة أمثال هذه الأمور، فقد يكون من يدركها ولا يشاهد منها، ويمكن أن يكون اثنان في مكان واحد ويدركانها فيكشف لواحد ولا يكشف لآخر، وأحسن ما يحصل فيها توفيق الذكر والعبادة والمناجات


(١) "فضائل الأوقات" (١/ ٢٤٧).
(٢) "التمهيد" لابن عبد البر (٢١/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>