للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تركه، ولم يفعل في الإنكار كذلك، بل قال: (من أحب منكم أن يعتكف فليفعل) كما جاء في الصحيحين، انتهى.

والحق أنه ثبت ترك الاعتكاف منه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعض الرمضانات، وقيل: يستحب استحبابًا متأكدًا، والصواب أنه على ثلاثة أقسام: واجب، وهو الاعتكاف المنذور، وسنة، وهو في العشر الأخير، وما سواهما مستحب، واتفق العلماء (١) على اشتراط المسجد في الاعتكاف إلا محمد بن عمر بن لبابة المالكي؛ فإنه جوزه في كل مكان، وجوز الحنفية للنساء في مسجد البيت، والمراد بمسجد البيت مكان تقرر فيه للصلاة، وليس له حكم المسجد إلا في هذا الحكم، وهو قول قديم للشافعي، ونقل عن بعض أصحابنا أن اعتكاف المرأة في المسجد مع زوجه جائز، وبه قال الإمام أحمد، وإذنه -صلى اللَّه عليه وسلم- للأزواج المطهرة دليل على ذلك، والمنع كان لمصلحة أخرى كما سيأتي. ثم خص أبو حنيفة وأحمد بمسجد تقام فيه الصلوات الخمس لئلا يكون الاعتكاف سببًا لترك الجماعة، ولا يكون باعثًا على الخروج في خمس أوقات مع إمكان الاحتراز عنه، وفي شرح ابن الهمام (٢): أنه قال بعضهم: إن المراد غير مسجد الجامع؛ فإنه يجوز فيه، وإن لم تقم فيه الصلوات الخمس، وفي رواية عن أبي يوسف: أن الاعتكاف الواجب لا يجوز في غير مسجد الجماعة، ويجوز النفل، ومالك رحمه اللَّه شرط مسجد الجامع، وهو قول للشافعي، وقال في (الحاوي) (٣): الجامع أولى، وعند جمهور الشافعية جاز في كل مسجد.


(١) انظر: "أوجز المسالك إلى موطأ مالك" (٥/ ٤٢٣).
(٢) "فتح القدير" (٢/ ٣٩٤).
(٣) "الحاوي الكبير" (٣/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>