دائمًا، ولما كان هذا الشهر العظيم موسم الخيرات ومنبع البركات، وكان نعم اللَّه سبحانه وفيوضه فيه أجلّ وأعظم، كان يفعل العبادات والقربات فيه أكثر وأوفر شكرًا لنعم اللَّه، وأيضًا لما كان جوده سبحانه على عباده فيه متضاعفًا كان جوده -صلى اللَّه عليه وسلم- على أمته أيضًا متكاثرًا؛ لأنه تعالى جعله مظهرًا لأنوار صفاته، ومحلًا لآثار كمالاته، فجبله على مجابه، وجعلها عادة له، فافهم.
وقوله:(وكان أجود ما يكون في رمضان)(ما) مصدرية، والوقت مقدر، أي: كان أجود أوقات كونه حال كونه في رمضان، وفي الحديث إشارة إلى أن الإنسان ينبغي أن يكون في موسم الخيرات وأفاضل الأوقات، وفي حضرة الصلحاء وصحبتهم أشد في اكتساب الخيرات والميراث.
وقوله:(من الريح المرسلة)(١) تلميح إلى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}[الأعراف: ٥٧] فإن الرياح تبعث السحاب، وتنزل الأمطار، وبها تنشأ الأرزاق والبركات والروح والريحان.
(١) في "التقرير": مناسبة الحديث بالترجمة إما لأن الأجودية تكون بالاعتكاف أكثر الأكثر، أو الغرض إتيان أفضل الملائكة إلى أفضل البشر بافضل الكلام في أفضل الأوقات ينبغي أن يكون في أفضل البقاع.