للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١١١ - [٣] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: "فَثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ٨٠٢].

ــ

فإن قلت: إن آية من القرآن خير من الدنيا وما فيها، فأيّ شيء الناقة حتى يفضل عليها؟ قلنا (١): حقيقة المراد أن اشتغالهم بأمر الدين خير لهم مما يكدحون فيه من طلب الرزق، ولم يرد حقيقة بيان المقدار الواقع في المقايسة بين الشيئين، وإنما مثله بمثال، وخصه بالناقة الكوماء، لأنها خيار أموال العرب، أو أراد أنها خير منها في أمر المعاش، إذ يحصل منها من الخير والبركة ما لا يحصل منها، وأما في أمر المعاد فإنها خير من الدنيا وما فيها، هذا حاصل ما ذكره التُّورِبِشْتِي (٢).

٢١١١ - [٣] (أبو هريرة) قوله: (خلِفات) الخلف ككتف: المخاض، وهي الحوامل من النوق، الواحدة بهاء، يقال: خلفت الناقة: إذا حملت، فهي خلفة، وأخلفت فهي مخلفة، أي: لم تحمل، وهي الحوامل من النوق التي تظن بها حملًا ولم يكن كذلك.

وقوله: (يقرأ بهن) يقال: قرأه وقرأ به، والباء زائدة أو للملابسة والإلصاق.

وقوله: (من ثلاث خلفات) لم يعرِّفها لإرادة التنكير للتعظيم، وبهذا


(١) قال القاري (٤/ ١٤٥٤): وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَرَادَ تَرْغِيبَهُمْ فِي الْبَاقِيَاتِ وَتَزْهِيدَهُمْ عَنِ الْفَانِيَاتِ، فَذِكْرُهُ هَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَالتَّقْرِيبِ إِلَى فَهْمِ الْعَلِيلِ، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الدُّنْيَا أَحْقَرُ مِنْ أَنْ يُقَابَلَ بِمَعْرِفَةِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِثَوَابِهَا مِنَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى، انتهى.
(٢) "كتاب الميسر" (٢/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>