للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَانْصَرَفَ، وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا، فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ، وَلَمَّا أَخَّرَهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ، فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: "اقْرَأْ يَا بْنَ حُضَيْرٍ، اقْرَأْ يَا بْنَ حُضيْرٍ". قَالَ: فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أن تَطَأَ يَحْيَي وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا، فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ، وَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابيحِ، فَخَرَجْتُ حَتَّى لَا أَرَاهَا، قَالَ: "وَتَدْرِي مَا ذَاكَ؟ ". . . . .

ــ

ويذكر فيها العنكبوت، وروى الطبراني والبيهقي ذلك [عن أنس مرفوعًا] (١)، وإسناده ضعيف، بل ادعى ابن الجوزي أنه موضوع، وروي أن المشركين كانوا يقولون: سورة البقرة وسورة العنكبوت يستهزؤن بها فنزل: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: ٩٥].

وقوله: (فانصرف) أي: عن القرآن، والضمير المرفوع في قوله: (ولما أخره) لأسيد، والمنصوب لابنه، و (الظلة) بضم الظاء المعجمة: سحابة تظل، وما أظلك من شجر وغيره.

وقوله: (اقرأ يا بن حضير) مكرر مرتين للتأكيد (٢)، والمراد الاستمرار على القراءة، فاعتذر بقوله: (فأشفقت) وفي نسخة: (أشفقت) بدون الفاء.

وقوله: (حتى لا أراها) أي: لغلبة الفزع، و (حتى) حرف ابتداء.


(١) "المعجم الأوسط" (٥٧٥٥)، و"شعب الإيمان" (٢٥٨٢).
(٢) قال القاري (٤/ ١٤٥٨): أَيْ رَدِّدْ وَدَاوِمْ عَلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي [هي] سَبَبٌ لِمِثْلِ تِلْكَ الْحَالَةِ الْعَجِيبَةِ؛ إِشْعَارًا بأَنَّهُ لَا يَتْرُكُهَا إِنْ وَقعَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا اسْتِمْتَاعًا بِهَا، وَقَالَ الطِّيبِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (اقْرَأْ) لَفْظُ أَمْر طلب لِلْقِرَاءَةِ فِي الْحَالِ، وَمَعْنَاهُ تَخْصِيص وَطَلَبُ الِاسْتِزَادَةِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي، فَكَأَنَّهُ اسْتَحْضَرَ تِلْكَ الْحَالَةَ الْعَجِيبَةَ الشَّأْنِ فَأَمَرَهُ تَحْرِيضًا عَلَيْهِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>