تامًّا، أي: مفيدًا فائدة يصح عليها السكوت، وكان مع ذلك غير متعلق بما بعده لا لفظًا ولا معنى فالوقف تام، فينبغي أن يوقف عليه ويبدأ بما بعده، وذلك عند تمام القصص، وأكثر ما يكون موجودًا في الفواصل ورؤس الآي كما في قوله تعالى:{أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، يوقف عليه ويبدأ بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وكقوله:{وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، يوقف عليه ويبدأ بقوله:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ}.
وإذا كان الكلام تامًّا وله تعلق بما بعده من حيث المعنى دون اللفظ فالوقف كافٍ، يوقف ويبدأ أيضًا؛ لكون الكلام السابق كافيًا في أداء المقصود، وعدم شدة تعلقه بما بعده، بناء على كون التعلق من جهة المعنى فقط في حكم العدم، حتى لا ينضم إليه التعلق اللفظي الظاهر أثره في اللفظ والإعراب نحو:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}، يوقف عليه ويبدأ بـ {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}، وكالوقف على قوله:{هُمْ يُوقِنُونَ}.
وإن كان الكلام تامًّا متعلقًا بما بعده لفظًا ومعنًى -وهو الغاية في التعلق- فالوقف حسن. جاز الوقف أيضًا على حسن لعدم ما يوجب القبح نظرًا إلى كون الكلام مفيدًا صحيح السكوت عليه، ولكن لا يحسن الابتداء بما بعده نظرًا إلى شدة التعلق والارتباط، ومثاله قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ} جاز الوقف عليه من غير قبح، ولكن لا يحسن الابتداء بقوله:{رَبِّ الْعَالَمِينَ}؛ لأنه مجرور تابع لما قبله، والابتداء بمثل ذلك يكون قبيحًا، فينبغي للقارئ إن وقف عليه [أن] يرجع ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
نعم إذا كان هذا القسم رأس آية صح الابتداء بما بعده؛ فإن الوقف على رؤس الآي والابتداء بما بعده سنة مطلقًا، وإن كان التعلق شديدًا.
وأصله هذا الحديث المروي عن أم سلمة، وله طرق كثيرة وإن كان بعضها ضعيفًا،