واعلم أن الشارح -رحمه اللَّه- فسرها نقلًا عن كلام القاضي ناصر الدين البيضاوي في (شرح المصابيح)(١) بلا تغيير، وأضاف إليه من كلام الشيخ الإمام الأستاذ أبي القاسم القشيري، فوشّحها بالأشعار اللطيفة والحكايات الغريبة فأفاد وأجاد، ونحن اختصرنا كتاب الإمام العالم الرباني أبي حامد محمد الغزالي، وأضفنا إليه شيئًا قليلًا من الشرح وغيره، فليس لنا مجال أن نتكلم في هذا المقام إلا بالنقل من كلام العلماء الأعلام فنقول -وباللَّه التوفيق-: (اللَّه) اسم للموجود الحق الجامع للصفات الإلاهية المتفرد بالوجود الحقيقي، وكل موجود سواه إنما استفاد الوجود منه، فهو من حيث ذاته هالك، ومن الجهة التي تليه موجود، فكل شيء هالك إلا وجهه، وكل شيء معدوم في ذاته، إلا بوجوده الذي أفاض عليه، وهو عَلَم للذات الواجب الوجود المعبود بالحق غلب عليه باللام كالنجم والصَّعْق، وإله بمعنى المعبود مطلقًا، فهذا الاسم أخذ في مفهومه الجامعيةَ لجميع صفات الكمال، وسائرُ الأسماء لا يدل إلا على آحادها، لا يسمى غيره تعالى به لا حقيقة ولا مجازًا، وسائر الأسماء قد يسمى بها غير اللَّه تعالى ولو مجازًا، ولهذين الوجهين يشبه أن يكون هذا الاسم أعظم هذه الأسماء، ووصف سائر الأسماء كالقادر والمريد بانها أسماء اللَّه تعالى وأضاف إليه، ولا يقال لهذا الاسم: إنه اسمها، ولا يضاف إليها.
ومعاني سائر الأسماء يتصور أن يتصف العبد ويتخلق بشيء منها حتى يطلق عليه الاسم، وإن كان إطلاق الاسم عليه على وجه آخر يباين إطلاقه على اللَّه تعالى؛ لأن مفهوم هذا الاسم أنه الموجود الحقيقي الحق، وكل ما سواه فَانٍ وهالكٌ وباطل،