كبه اللَّه لمنخريه، وجاء: لما خلق اللَّه إبليس نخر، والنخر صوت الأنف، وبالجملة المراد ههنا السقوط والدخول في النار على وجوههم، ولما كان الأنف أرفع أجزاء الوجوه ويقع السقوط عليه أولًا نسب إليه.
و(الحصائد) جمع حصيدة، والحصد: قطع الزرع، شبه إطلاق المتكلم لسانه بما يقتضيه الطبع من الكلام من غير تمييز بين الخير والشر ما يعني وما لا يعني بفعل الحاصد الذي لا يميز بين شوكة وزرع، وهذا باعتبار الأغلب، فإن أكثر ما يقع الإنسان في البلاء من جهة اللسان، وذكر التُورِبِشْتِي أنه ذكر في بعض الروايات (حصاد ألسنتهم) وذهب في معناه إلى حصاد اللسان وهي رزانته، قال: وذلك ليس بشيء لأنه يخالف رواية الجمهور، والظاهر أن بعض الكلمة سقط عن الكاتب على ما وجد في النسخة، انتهى. ولقد ضيع هذا الراوي وحرم عن إدراك بلاغة هذه الاستعارة اللطيفة البليغة الصادرة من أفصح فصحاء العرب والعجم -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهذه الرواية مما لا ينبغي أن تروى وتسمع، واللَّه أعلم.
٣٠ - [٢٩](أبو أمامة) قوله: (من أحب للَّه، وأبغض للَّه، وأعطى للَّه، ومنع للَّه؛ فقد استكمل الإيمان) يعني من كان جميع أفعاله لوجه اللَّه لا لحظ نفسه وميل إلى ما سوى اللَّه ورضاه سبحانه، فقد جعل إيمانه كاملًا تامًّا، وهذا توحيد الإخلاص