للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. [ت: ٢٦٢٩، س: ٤٩٩٥].

ــ

وقد سبق بيانه في حديث عبد اللَّه بن عمرو (١).

وقوله: (والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) (٢) أَمِنَ كفرح أمنة، فأنا آمن، أي: لم يخافوه على أموالهم وأنفسهم، والأعراض جعلها داخلة في الدماء بكمال تعلقها بنفس الإنسان كأنها جزؤه، ثم ظاهر سياق الكلام يوهم بمغايرة الإيمان والإسلام والمؤمن والمسلم ومغايرة أحكامهما ولكنهما واحد، والفقرة الثانية تأكيد وتقرير للأولى، ورتب من سلم على المسلم ومن أمنه على المؤمن رعاية للمطابقة في مادة الاشتقاق تفننًا غير أنه اقتصر في الثاني على مأثم اليد على ما هو الظاهر اكتفاءً، أو لأن آفة اللسان ظاهرة شائعة لا حاجة إلى تكرارها، بخلاف آفة اليد فإنها مفتقرة إلى البيان والتقرير، هكذا وجهه الطيبي (٣).

ويمكن أن يقال: الإيمان من حيث إنه فعل القلب أكمل من الإسلام وهو الانقياد في الظاهر، والأمن أيضًا أتم وأقوى من السلامة، فإن السلامة أن لا يصيب منه ضرر وآفة مع توهم حصوله واحتماله، والأمن أن لا يبقى التوهم والاحتمال أيضًا، فافهم.


(١) انظر: الحديث (٦).
(٢) هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَكُنْ بِهَذَا السِّيَاقِ فِي وَاحِدٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، بَلْ هُوَ مَقْطَعٌ فِيهَا، لَكِنَّ الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" (ح: ٣٤) بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدِ، وَسَاقَهُ بِلَفْظِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ الْمُؤْمِنَ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَهُوَ حَدِيثٌ جَلِيلٌ اشْتَمَلَ عَلَى أُصُولٍ كَثِيرَةِ فِي الدِّين. "مرقاة المفاتيح" (١/ ١٠٧ - ١٠٨).
(٣) "شرح الطيبي" (١/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>