وقوله:(لَلَّهُ أرحم بعباده من هذه بولدها) وهو تعالى قادر على أن لا يطرحه في النار فلا يطرحه، وتوجيهه يعلم من حديث عبد اللَّه بن عمر الآتي في الفصل الثالث.
٢٣٧١ - [٨](أبو هريرة) قوله: (إلا أن يتغمدني اللَّه منه برحمته) أي: يُلبسَنيها ويسترني بها، مأخوذ من غمد السيف -بكسر الغين-: غلافه، ومعنى الاستثناء: إني لا ينجيني عملي إلا أن يرحمني اللَّه، فحينئذ ينجيني عملي ويصير سببًا في نجاتي، وبدونه لا يصير سببًا؛ لأن العمل ليس علة حقيقية موجبة في النجاة. وقال الطيبي (١): الاستثناء منقطع، فافهم.
ولمَّا أشعر هذا الكلام بإلغاء العمل من حيث إيجابه النجاةَ، وهو لا ينافي سببيتَه ومدخليتَه فيها باعتبار أنه يَعِدُ العامل لأن يتفضل عليه، ويقرب إلى الرحمة من جهة حكمِه تعالى بذلك، ووصفِه إياه كذلك، أشار إلى إثباته بقوله:(فسددوا) أي: قوموا العمل واطلبوا الصواب في القول والعمل، وقيل: سدد بمعنى: صار ذا سداد، (وقاربوا) أي: اقتصدوا في العمل بلا إفراط وتفريط، قارب الإبل، أي: جمعها حتى لا تتبدد وتنتشر، فهو بمنزلة التأكيد للتسديد.