(٢) قال القاري (٥/ ١٧٤٩): الأصح عندنا أن الحج واجب على الفور، وهو قول أبي يوسف ومالك رحمهما اللَّه، وعن أبي حنيفة -رحمه اللَّه- ما يدل عليه، وهو ما روى ابن شجاع عنه أن الرجل يجد ما يحج به وقصد التزوج أنه يحج به، وقال محمد -رحمه اللَّه-: وهو رواية عن أبي حنيفة، وقول الشافعي أنه على التراخي إلا أن يظن فواته لو أخره لأن الحج وقته العمر نظرًا إلى ظاهر الحال في بقاء الإنسان، فكان كالصلاة في وقتها يجوز تأخيره إلى آخر العمر كما يجوز تأخيرها إلى آخر وقتها، إلا أن جواز تأخيره مشروط عند محمد بأن لا يفوت، يعني: لو مات ولم يحج أثم، ولأبي يوسف أن الحج في وقت معين من السنة والموت فيها ليس بنادر، فيضيق عليه للاحتياط لا لانقطاع التوسع بالكلية، فلو حج في العام الثاني كان مؤديًا باتفاقهما، ولو مات قبل العام الثاني كان آثمًا باتفاقهما، وثمرة الخلاف بينهما إنما تظهر في حق تفسيق المؤخر وردِّ شهادته عند من يقول بالفور، وعدمِ ذلك عند من يقول بالتراخي، كذا حققه الشُّمُنِّي، انتهى.