تكن ممن ساق الهدي، مما لا نعرف له سندًا، واللَّه أعلم.
وقوله:(وقصروا) يدل بظاهره أنهم كلهم قصروا، وجاء في الحديث أن بعضهم حلقوا وبعضهم قصروا، فدعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للمحلِّقين فقال:(اللهم ارحم المحلقين)، قالوا: والمقصرين يا رسول اللَّه، قال:(اللهم ارحم المحلقين)، قالوا: والمقصرين يا رسول اللَّه، قال:(والمقصرين) مرتين أو ثلاث مرات، قالوا: والسبب في تكرير الدعاء للمحلقين أن أكثر من حج معه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يسق الهدي، فلما أمرهم أن يفسخوا الحج إلى العمرة ثم يتحللوا منها ويحلقوا رؤوسهم شقّ عليهم. ثم لما لم يكن لهم بد من الطاعة كان التقصير في أنفسهم أخف من الحلق ففعله أكثرهم، فرجَّح -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل من حلق لكونه أبين في امتثال الأمر.
وقيل: إن عادة العرب أنها كانت تحب توفر الشعور والتزين بها، وكانوا يرون الحلق من الشهرة ومن فعل الأعاجم، فلذلك كرهوا الحلق واقتصروا على التقصير.
ثم اعلم أنه قد ورد هذا الحديث في الحديبية وفي حجة الوداع، فقيل: كان فيهما، لكن السبب في الموضعين مختلف، فالذي في الحديبية كان بسبب توقفٍ من الصحابة عن الإحلال؛ لِمَا دخل عليهم من الحزن؛ لكونهم منعوا عن الوصول إلى البيت، وفي حجة الوداع ما ذكرنا، ثم في الوداع: هل كان عند أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الصحابة بالإحلال بعد العمرة قبل الحج، أو كان في الحج يوم النحر؟ فالمفهوم من (سفر السعادة)(١) أنه كان في الأول، ومن (المواهب اللدنية) وغيرها أنه كان في الحج يوم النحر، وسيأتي في الفصل الأول من (باب الحلق) من حديث ابن عمر أنه قال: في