للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ ابْنَ عَبَّاسٍ حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلًا،

ــ

اعلم أنه قد ذكر في الحج المشعر الحرام ومشاعر الحج وشعائر الحج، فالمشاعر واحدها مشعر، والشعائر واحدها شعيرة، ويقال: شعارة، وهي أموره ومناسكه، ومعناه: علاماته، وقيل: الشعائر: الذبائح، وقال الفرَّاء والأخفش: هي أمور الحج، وقال الزجَّاج: الشعائر: كل ما كان من موقفٍ ومسعًى وذبحٍ، من قولهم: شعرت به، أي: علمت، وقال الأزهري: الشعائر المعالم، وقال غيره في المشاعر مثله، وذكر إشعار البدن، وهو من هذا، وهو تعليمها بعلامة، وهو شق جلد سنامها عند الحجازيين، وتقليدها بقلادة عند العراقيين، كذا في (مشارق الأنوار) (١).

وقوله: (فأتى بطن محسر) بضم ميم وكسر سين مهملة مشددة: اسم واد قرب المزدلفة، وقيل: هو من مني، وقيل: ما يصيب منه في المزدلفة فهو من المزدلفة، وما يصيب منه بمنى فهو من مني، فهو برزخ بين المزدلفة ومنى، كوادي عُرَنة ونَمِرة برزخ بين الحرم وعرفات، وقيل: بعضه من مزدلفة وبعضه من مني، وصوّبه بعضهم.

وقوله: (فحرك) أي: ناقته، وأسرع السير قليلًا، أو يفهم من بعض الأحاديث أنه أسرع شديدًا وعجل في خروجه، ويستحب الإسراع فيه إن كان ماشيًا، ويحرك دابته إن كان راكبًا تاسيا بالمأثور باتباعه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

واختلفوا في سبب إسراعه -صلى اللَّه عليه وسلم- منه، والمشهور أنه مكان نزول العذاب على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت، فاستحب فيه الإسراع لما ثبت في الصحيح من أمره المارّين على ديار قوم لوط وديار ثمود ونحوهم بذلك، وهكذا كانت عادته -صلى اللَّه عليه وسلم- في المواضع التي نزل فيها بأس اللَّه بأعدائه.


(١) "مشارق الأنوار" (٢/ ٤٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>