صغيرة، وإن أضيفت إلى ما دونها فهي كبيرة، وهذا مشكل جدًا، إذ لا شك أن الكبائر والصغائر متمايزة بالذات وبالأحكام، فإن الصغائر مكفرة بالطاعات مثل الصلاة والصوم والوضوء، وعليه قوله:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود: ١١٤].
وقد اختلف في التقوى بأنه هل يكفي فيه الاجتناب عن الكبائر أو لا بد من اجتناب الصغائر أيضًا؟ وأيضًا أنهم فرقوا بينهما بأن الكبيرة تسقط العدالة دون الصغيرة، وهذا يدل على أنهما يفرقان بذاتيهما، وأيضًا لا حاجة على هذا التقرير لتخصيص الكبيرة بالذكر في قولهم: الكبيرة لا تخرج العبد من الإيمان على ما ذكر في العقائد، نعم الكبيرة والصغيرة نسبيان ضرورة كون الكبر والصغر كذلك، فالذنوب إنما تسمى صغائر بالنسبة إلى ما فوقها من الذنوب، والكبائر إنما تسمى كبائر بالنسبة إلى ما تحتها، وهذا ظاهر.
وأما كونهما غير متعينين بحيث يكون كل ذنب بالنسبة إلى ما فوقها صغيرة، وهو بعينه بالنسبة إلى ما تحتها كبيرة، فيشكل بما ذكرنا، فثبت أن الكبائر والصغائر متمايزتان في أنفسهما، ومع ذلك مراتب الكبائر مختلفة، وكذا الصغائر حتى قيل: أكبر الكبائر الإشراك باللَّه، وأصغر الصغائر حديث النفس، ولا يخفى أن مراتب حديث النفس أيضًا مختلفة، وكذا الإشراك باللَّه إن أريد به الكفر، فتدبر، هذا وقد عد بعض العلماء كثيرًا من الذنوب من الكبائر.
ونقل العلامة الدواني من الروياني من أصحاب الشافعي رحمة اللَّه عليه أنه قال: الكبائر هذه قتل النفس بغير حق، والزنا، واللواطة، وشرب الخمر، والسرقة، وأخذ المال غصبًا، والقذف، وشرب كل مسكر ملحق بشرب الخمر، وشرط في الغصب أن يبلغ دينارًا، وشهادة الزور، وأكل الربا، والإفطار في نهار رمضان بلا عذر، واليمين