للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهُوَ خَلَقَكَ قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ"،

ــ

المثل المناوئ، من ندّ ندودًا: إذا نفر، وناددت الرجل: خالفته، خص بالمخالف المماثل في الذات كما خص المساوي في المماثل في القدر، وقد يفرق بين الند والضد أن الأول المخالف المماثل في الحقيقة، والضد المخالف الغير المماثل، وقد وقع في (العقائد العضدية) في تنزيه الباري: ولا ند له ولا مثل، وفسره المحقق الدواني بقوله: قيل: الند هو المناوئ، أعني المخالف في القوة، والمثل هو المساوي في القوة، فتدبر.

والمعنى أن تجعل للَّه ندًا بتضمين الدعاء معنى الجعل، وقد جاءت الرواية بهذا اللفظ، وفي القرآن المجيد: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: ٢٢].

فإن قلت: إنهم ما جعلوا الأصنام أندادًا للَّه، وما زعموا أنها تساويه في ذاته وصفاته، ولا أنها تخالفه في أفعاله؟ قلنا: إنهم لما عظموها وسموها آلهة شابهت حالهم حال من يعتقد أنها ذوات واجبة بالذات قادرة على أن تدفع عنهم عذاب اللَّه وتخالفه في أفعاله.

وقوله: (وهو خلقك) إشارة إلى الخطأ في هذا الجعل، وهذا لمن يعلم أن اللَّه خالقه كما كان المشركون في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلمون أن الخالق هو اللَّه، أي: والحال أنك تعلم أن اللَّه خلقك ولم يخلقك أحد غيره، أو قال ذلك للمتمكن من العلم بذلك عند النظر والتأمل في الدلائل الدالة على أنه الخالق، وبالوجهين فسر قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

وقوله: (قال: ثم أيٌّ) أي: ثم أخبرني أَيّ ذنب أكبر الكبائر بعد الكفر، (قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك) فالقتل بهذه القيود أكبر الكبائر بعد الكفر، ويدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>