وههنا خلاف آخر، وهو أن الهدي يبعث عندنا إلى الحرم؛ لأن دم الإحصار قربة، والإراقة لم تعرف قربة إلا في زمان أو مكان، فلا يقع قربة دونه، فلا يقع به التحلل، ولو واعَدَ من يبعثه ليومٍ بعينه يذبح فيه يتحلل، وقد قال اللَّه تعالى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦]، والهدي اسم لما يهدى إلى الحرم، فلا يحل حتى يبلغ الحرم، وقال الشافعية: لا يتوقف به ويذبح حيث أحصر؛ لأنه شُرع رخصةً، وبالتوقيت يبطل التخفيف، قلنا: إن المراعى أصل التخفيف لا نهايته.
وقالوا: المراد ببلوغ الهدي محله ذبحه حلًّا كان أو حرمًا، قلنا: هذا خلاف الظاهر، وقالوا: ذبح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه عام الحديبية بها وهي من الحلّ، قلنا: لعله لم يكن ذلك لهم، فذبحوا بها للضرورة.
هذا وقد قيل: إن الحديبية بعضها حلٌّ وبعضها حرم، فلا يلزم من ذبحه فيها ذبحه في الحل، ونقل في (المواهب اللدنية)(١) عن المحب الطبري: وهي قرية قريبة من مكة أكثرها في الحرم.
ثم عندنا إذا أحصر يجب القضاء، وعند الشافعي رحمه اللَّه لا يجب.
الفصل الأول
٢٧٠٧ - [١](ابن عباس) قوله: (حتى اعتمر عامًا قابلًا) هذا عندنا محمول على القضاء وهو الظاهر.