وَأَمَّا مَفْهُومُهُ لُغَةً وَشَرْعًا فَقَالَ فَخْرُ الإِسْلَامِ: الْبَيْعُ لُغَةً مُبَادلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ، وَكَذَا فِي الشَّرْعِ، لَكِنْ زِيدَ فِيهِ قَيْدُ التَّرَاضِي، وَشَرْعِيَّةُ الْبَيْعُ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "يا مَعْشَرَ التُّجَّارِ! إنَّ بَيْعَكُمْ هذا يَحْضُره اللَّغْوُ والكذبُ، فشُوْبُوهُ بالصَّدقةِ"، وبُعِثَ عليه الصلاةُ والسلامُ وَالنَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَقرَّرَهُمْ عَلَيْهِ، وَالإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ، وَسَبَبُ شَرْعِيَّتِهِ تَعَلُّقُ الْتقَاءِ الْمَعْلُومِ فِيهِ لِلَّهِ -تَعَالَى- عَلَى وَجْهٍ جَمِيلٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الإِنْسَانَ لَوِ اسْتَقَلَّ بِابْتِدَاءِ بَعْضِ حَاجَاتِهِ مِنْ حَرْثِ الأَرْضِ، ثُمَّ بَذْرِ الْقَمْحِ وَخِدْمَتِهِ وَحِرَاثَتِهِ وَحَصْدِهِ وَدِرَاسَتِهِ، ثُمَّ تَذْرِيَتِهِ، ثُمَّ تَنْظِيفِهِ وَطَحْنِهِ بِيَدِهِ وَعَجْنِهِ، لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَفِي الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ لِلُبْسِه، وَبِنَاءِ مَا يُظِلُّهُ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَن تَدْفَعَهُ الْحَاجَةُ إِلَى أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا ويبتدئ مُزَاوَلَةَ شَيْءٍ، فَلَوْ لَمْ يُشْرَعِ الْبَيْعُ سَبَبًا لِلتَّمْلِيكِ فِي الْبَدَلَيْنِ =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute