للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شرط بعض المحققين في الأكبر المناسبة في المعنى دون الاتفاق في الحروف، ولا ريب أن بين الباع والبيع مناسبة ما، وقيل: إنه مشتق من البيعة. وفيه نظر، إذ المصدر لا يشتق من المصدر، كذا في شرح (كتاب الخرقي) (١).


(١) "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (٣/ ٢). وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: عُرفَ أَن مَشْرُوعَاتِ الشَّارعِ مُنْقَسِمَة إِلَى حُقُوقِ اللَّهِ -تَعَالَى- خَالِصَةً، وَحُقُوق الْعِبَادِ خَالِصَةً، وَمَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْحَقَّانِ وَحَقُّهُ -تَعَالَى- غَالِبٌ، وَمَا اجتمعا فِيهِ وَحَقُّ الْعِبَادِ غَالِبٌ، ، فَحُقُوقُهُ -تَعَالَى- عِبَادَاتٌ وَعُقُوبَاتٌ وَكَفَّارَاتٌ، فَابْتَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِحُقُوقِ اللَّهِ -تَعَالَى- الْخَالِصَةِ، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ أَنْوَاعِهَا، ثُمَّ شَرَعَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ وَهِيَ الْمُعَامَلَاتُ، ثُمَّ الْبَيْعُ مَصْدَرٌ، فَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْمَفْعُولُ فَيُجْمَعُ باعتباره كجمع الْمَبِيعِ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى وَهُوَ الأَصْلُ، فَجَمْعُهُ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ: فَإِنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ سَلَمًا، وَهُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ، وَقَلْبُهُ وَهُوَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ، وَصَرْفًا: وَهُوَ بَيْعُ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ، وَمُقَابَضَةً: وَهُوَ بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ وَبِخِيَارٍ، وَمُنْجَزًا، وَمُؤَجَّلَ الثَّمَنِ وَمُرَابَحَةً، وَتَوْليَةً، وَوَضِيعَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ. وَالْبَيْعُ مِنَ الأَضْدَادِ يُقَالُ: بَاعَ إِذَا أَخْرَجَ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِهِ إِلَيْهِ، وَبَاعَهُ إِذَا اشْتَرَاهُ، وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ بِالْحَرْفِ يُقَالُ: بَاعَ زيْدٌ الثَّوْبَ وَبَاعَهُ مِنْهُ.
وَأَمَّا مَفْهُومُهُ لُغَةً وَشَرْعًا فَقَالَ فَخْرُ الإِسْلَامِ: الْبَيْعُ لُغَةً مُبَادلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ، وَكَذَا فِي الشَّرْعِ، لَكِنْ زِيدَ فِيهِ قَيْدُ التَّرَاضِي، وَشَرْعِيَّةُ الْبَيْعُ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "يا مَعْشَرَ التُّجَّارِ! إنَّ بَيْعَكُمْ هذا يَحْضُره اللَّغْوُ والكذبُ، فشُوْبُوهُ بالصَّدقةِ"، وبُعِثَ عليه الصلاةُ والسلامُ وَالنَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَقرَّرَهُمْ عَلَيْهِ، وَالإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ، وَسَبَبُ شَرْعِيَّتِهِ تَعَلُّقُ الْتقَاءِ الْمَعْلُومِ فِيهِ لِلَّهِ -تَعَالَى- عَلَى وَجْهٍ جَمِيلٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الإِنْسَانَ لَوِ اسْتَقَلَّ بِابْتِدَاءِ بَعْضِ حَاجَاتِهِ مِنْ حَرْثِ الأَرْضِ، ثُمَّ بَذْرِ الْقَمْحِ وَخِدْمَتِهِ وَحِرَاثَتِهِ وَحَصْدِهِ وَدِرَاسَتِهِ، ثُمَّ تَذْرِيَتِهِ، ثُمَّ تَنْظِيفِهِ وَطَحْنِهِ بِيَدِهِ وَعَجْنِهِ، لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَفِي الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ لِلُبْسِه، وَبِنَاءِ مَا يُظِلُّهُ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَن تَدْفَعَهُ الْحَاجَةُ إِلَى أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا ويبتدئ مُزَاوَلَةَ شَيْءٍ، فَلَوْ لَمْ يُشْرَعِ الْبَيْعُ سَبَبًا لِلتَّمْلِيكِ فِي الْبَدَلَيْنِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>