ثم ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى السَّماءِ: يا ربِّ يا ربِّ،
ــ
الخبيث، ويجيء بمعنى الطاهر النظيف، ومنه قول علي -رضي اللَّه عنه- لما مات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: طبت حيًّا وطبت ميّتًا، أي: طهرت، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمار:"مرحبًا بالطيب"، ويجيء من طيب النفس بمعنى السماحة من غير كراهة، ومن طيب الرائحة بمعنى الحلال، وقالوا: أصل الطيب ما يستلذه الحواس والنفس، والحلال تستلذه النفس شرعًا، والطيب من الإنسان من تزكّى عن نجاسة الجهل والفسق، وتحلّى بالحِكَم ومحاسن الأفعال، ويوصف به الباري تعالى بمعنى تنزُّهه عن النقائص.
ومعنى الحديث: أنه تعالى لما تنزّه عن العيوب لم يقبل إلا الطيب من المال وهو الحلال لتنزُّهه عن العيب، فيناسب جناب القدس، فلا ينبغي أن يتقرب إليه بما يتضادّه وهو الحرام.
وقوله:(ثم ذكر) الضمير للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، و (الرجل) منصوب على المفعولية، و (يطيل) من الإطالة صفة (الرجل) لكون اللام للعهد الذهني، وقد يرفع على أنه مبتدأ و (يطيل) خبره، فيكون مفعول (ذكر) هذا الكلام، ويكون حينئذ حكاية لفظ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
والمراد بالرجل: إما الحاج، أو مطلق المسافر لكون السفر مظنّةَ الإجابة.
وقوله:(أشعث أغبر يمدّ يديه) أحوال مترادفة.
وقوله:(يا رب) بتقدير: قائلًا، حال من ضمير يمدّ، أي؛ قائلًا: يا رب يا رب، مناديًا له تعالى يلجأ في السؤال.
= دفع الوزر فيثاب على تلك النية. كذا في "التقرير".