للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٠٩ - [١١] وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذْ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ: "هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ " قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ: "هَل عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: "فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ " قَالُوا: ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثمَّ أُتِي بِالثَّالِثَةِ، فَقَالَ: "هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ " قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنانِيرَ، قَالَ: "هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ " قَالُوا: لَا، قَالَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ". قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: ٢٢٨٩].

ــ

٢٩٠٩ - [١١] (سلمة بن الأكوع) قوله: (فصلى عليها) كأنهم ذكروا له أن الدين ثلاثة دنانير ولم يذكر في الحديث، أو علم ذلك بالوحي أو الإلهام، ويمكن واللَّه أعلم أنه سامح في أداء بعض الدين وبقاء بعضه، والأول أظهر.

قوله: (صلوا على صاحبكم) فيه زجر وتشديد على الدين والمماطلة في أدائه.

وقوله: (وعلي دينه (١)) قال الطيبي (٢): فيه دليل على جواز الضمان عن الميت وإن لم يترك وفاءً، وهو قول أكثر أهل العلم، وقال أبو حنيفة: لا يجوز إذا لم يترك


(١) قال القاري (٥/ ١٩٥٧): وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: تَمَسَّكَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ -رَحِمَهُمُ اللَّهُ- فِي أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَعَلَيْهِ دينٌ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ لَمَا صَلَّى النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ؛ لأَنَّ الْكَفَالَةَ عَنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ كَفالةٌ بِدَيْنٍ سَاقِطٍ، وَالْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ السَّاقِطِ بَاطِلَةٌ، وَالْحَدِيثُ يَحْتَملُ أَنْ يَكُونَ إِقْرَارًا بِكَفَالَةٍ سَابِقَةٍ، فَإِنَّ لَفْظَ الإِقْرَارِ وَالإِنْشَاءِ فِي الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ، وَلَا عُمُومَ لِحِكَايَةِ الْفِعْلِ. وَيَحْتَملُ أَنْ يَكُونَ وَعْدًا لَا كَفَالَةً، وَكَانَ امْتِنَاعُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِيَظْهَرَ لَهُ طَرِيقُ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا ظَهَرَ صَلَّى عَلَيْهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٢) "شرح الطيبي" (٦/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>