للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مذكورة في الفقه، والمذهب فيه عندنا: أما ماء البحار فللناس كلهم فيها حق الشَفَة، أي: الشُّرب، وسقي الأراضي، وكري الأنهار منها إلى أرضه، والانتفاع بماء البحار كالانتفاع بالشمس والقمر والهواء.

ومنها: ماء الأودية العظام كجيحون، وسيحون، ودجلة، والفرات، وحكمه أيضًا حكم ماء البحار إن كان لم يضرّ بأن يميل الماء إلى جانب فيُغرق القرى والأراضي.

ومنها: الماء الذي في وحل المقاسم (١) كالبئر والنهر، فحق الشفة فيه ثابت؛ لأن البئر ونحوها ما وضع للإحراز، ولا يُملك المباح بدون الإحراز، كالظبي إذا تَكَنَّس (٢) في أرضه، ولأن في إبقاء الشفة ضرورة؛ لأن الإنسان لا يمكنه استصحاب الماء إلى كل مكان وهو محتاج إليه لنفسه وظهره، وإن أراد أحد أن يسقي بذلك أرضًا أحياها كان لأهل النهر أن يمنعوه عنه أضرّ بهم أولم يضرّ بهم، لأنه حق خالص لهم ولا ضرورة.

ومنها: الماء المحرز في الأواني، وأنه صار مملوكًا له بالإحراز، وانقطع حق غيره عنه كما في الصيد المأخوذ، ولو كان البئر أو العين أو النهر أو الحوض في ملك رجل له أن يمنع من يريد الشفة من الدخول في ملكه، إذا كان يجد ماء آخر يقرب من هذا الماء في غير ملك أحد، وإن كان لا يجد يقال لصاحب النهر: إما أن تعطيه الشفة، أو تتركه يأخذ بنفسه بشرط أن لا يكسر ضِفَّته، وهذا إذا احتفر في أرض مملوكة له، أما إذا احتفرها في أرض موات فليس له أن يمنعه؛ لأن الموات كان مشتركًا،


(١) هكذا في الأصل، والظاهر: الماء الذي دخل في المقاسم. انظر: "الهداية" (٤/ ٣٨٨).
(٢) أي: استتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>