ورحمته أن يختص حبيبه -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذه الكرامة، على أن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فلا يأمرني إلا بخير) يحكم عليه بخلاف ما ذهب إليه، مع أن قوله:(فأسلم) بفتح الميم يحتمل أن يكون بمعنى أذعن، انتهى.
وقد يتعقب دلالة قوله:(فلا يأمرني إلا بخير) على الإسلام بحديث أبي هريرة في توكيله -صلى اللَّه عليه وسلم- بحفظ زكاة رمضان وتعليم الشيطان إياه آية الكرسي إذا أوى إلى فراشه، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (صدقك وهو كذوب)؛ لأنه يدل على تعليم الكافر الخير، اللهم إلا أن يراد العموم، فافهم.
نعم توجيه رواية الفتح بكونه بمعنى أذعن واستسلم صحيح، يدل عليه حديث تفلّت الشيطان وقطع الصلاة عليه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فأمكنني اللَّه منه، فأخذته فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد)، وقد جاء في رواية:(فاستسلم)، قال القاضي عياض: وقد روي في غير هذه الأمهات (فاستسلم)، وقال صاحب (النهاية)(١): ويشهد لكونه من الإسلام حديث: (كان شيطان آدم كافرًا وشيطاني مسلمًا)، وهذا هو المختار، فليس ببعيد أن يخص اللَّه سبحانه نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذا الفضل والكرامة كما لا يخفى.
٤٦٨ - [٦](أنس) قوله: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم):