وأما السابع: وبه تمت الخواطر، وهو خاطر الحق عز وجل، فهو على ضربين: الأول: يأتي بواسطة، وهو جميع ما تقدم من الخواطر، فإنها مضافة إليه تعالى حقيقة وإلى غيره مجازًا، والثاني: يرد على السر بحكم الجبر لا يمكن الانفصال عنه ولا الانفكاك منه، فإن الحق تعالى ما تجلى بشيء إلا خضع له، واللَّه غالب على أمره.
قلت: وقد يكون خاطر الشيخ، فهو إمداد همة الشيخ يصل إلى قلب المريد الطالب مشتملًا على كشف معضل وحلِّ مشكل حصل للمريد في الواقعات والواردات الربانية، وهذا الخاطر إنما يرد على قلب المريد عند اشتكشافه ذلك باستمداده من ضمير الشيخ، فينكشف ويتبين الحال، سواء كان الشيخ حاضرًا أو غائبًا، حيًّا أو ميتًا، يدل عليه ما قال الشيخ العارف باللَّه علي بن حسام الدين المتقي -أسكنه اللَّه بحبوحة جنته، وتغمده بلفطه ورحمته-: يا عبد الوهاب إذا أشكل عليك شيء من الواقعات والواردات فاعرضها عليَّ بقلبك، واستكشف ذلك باستمدادك مني ولو بعد موتي، فجرَّبت ذلك فوجدته كما قال.
وهذا الخاطر أيضًا في الحقيقة داخل تحت خاطر الحق سبحانه؛ لأن قلب الشيخ بمثابة باب مفتوح إلى عالم الغيب، وهو واسطة بين المريد وبين الحق سبحانه، فيصل إمداد فيضه على قلب المريد بواسطته، انتهى كلامه قدس سره.
وقوله:(هذا حديث غريب) الغرابة لا تنافي الصحة، وليس طعنًا في الحديث؛ لأن الغريب هو أن يروي واحد عن واحد، ولكن قد يطلق بمعنى الشاذ، وهو بهذا المعنى ينافي الصحة، وقد ذكرناه في المقدمة فتذكر.